يؤسفني، كما يؤسف غيري من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، ما يصدر من بعض الإخوة العرب، مسؤولين صغاراً أو زعماء كباراً ـ أحيانا ـ من تصريحات وكلام يجرح مشاعرنا، وينكر أفضالنا السابقة واللاحقة عليهم، أفراداً أو شخصيات ودولاً! وهذا ليس على سبيل المباهاة أو المنة، وإنما من باب العتب واللوم، والتذكير بالمعروف لمن نسيه أو تناساه.. كي لا ينطبق عليه قول الشاعر الجاهلي الحكيم زهير بن أبي سلمى:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يكن حمده ذماً عليه ويندم!
وهذا البيت الذي قيل قبل أكثر من 1400 سنة ينطبق على حال بعض العرب والمستعربين، والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر!
هناك شماعة يعلقها بعض الإخوة (الموتورين) قيلت في العهد الناصري، وهي من لغو أو سفه القول ومفادها أن: بترول العرب للعرب. والمقصود (دول الخليج العربي) فقط.. وليس ليبيا والجزائر والعراق المصدرة للنفط، بل وسورية ومصر وحتى السودان التي يوجد فيها كلها بترول!
ولو حللنا هذه الفرية تحليلاً منطقياً هادئاً وبمنطق وفهم قائلها لقلنا له: نعم! إن بترولنا لنا، لأنه في أرضنا.. ولأننا أصل العروبة ووطنها الأول، ولن يذهب عنا بعيداً إلا بالبيع للدول التي تحتاجه، أو بالزكاة أو الصدقة وأحياناً بالمساعدة لكم أيها المزايدون علينا، والحاسدون لنا، لأن الله عوضنا بعد الفقر غنى، وبعد العسر يُسرا، بعد المعاناه التي عاناها الآباء والأجداد وشظف العيش الذي استمر قروناً طويلة.
فبأي حق تكون ثروة بلادنا حقا مشاعا لكم؟ بعد أن فشلتم في إدارة ثروات بلادكم أو استخراجها، وبعد أن بخلت دولكم البترولية، ليس على المحتاجين من العرب والمسلمين وضعفاء العالم، بل على شعوبها.. ومن هنا جاء حقدكم وحماقتكم بعد أن بدد زعماؤكم تلك الثروات.. وفشلتم في التنمية والتطوير وحتى محو الأمية، التي نجحنا فيها.
انظروا إلى المليارات التي بعثرها زعماؤكم أو ضاعت واختفت في الحسابات السرية في الخارج ولا تستطيعون استردادها حتى بعد الثورات التي طردت الدكتاتوريات! ثم لماذا لا يكون ماء العرب للعرب، ومياهكم تتدفق هدراً منذ قرون في البحار، ونحن نحلّي البحر لنشرب ونزرع ونأكل، وكنا نموت عطشاً في الماضي القريب؟!
منذ قرون ومياه الرافدين (دجلة والفرات) تصب في الخليج، والكويت على مدى النظر منها وتظل عطشى لقطرة ماء حلوة، فأين حق العروبة والجوار؟ ومياه سورية ولُبنان تصب في البحر أو تذهب للعدو اليهودي والأردن بجوارهم عطشى؟ ونهر النيل العظيم الذي يمر بالسودان ومصر يصب في البحر وسيناء وصحاري الجزيرة العربية على بُعد مئات قليلة من الكيلو مترات منه.. فأين العدالة في منطقكم الأعرج؟!
وقبل النفط.. كنا نأكل الجراد في بلادنا ولم نحتج لكم، وكنا نسمع بفواكه الشام وأعناب المغرب، ونقرأ في القرآن الكريم عن القثاء والعدس الذي في مصر ولا نعرفه! وفي السودان والصومال من الثروة الحيوانية ما يجعل كيلو اللحم ينخفض عندنا من خمسين إلى خمسة ريالات!
فأين كل ذلك منا! أم تريدوننا أن نعطي دائماً ولا نقبض إلا الجحود والنكران واللؤم؟!
لقد فتحنا لكم.. ولغيركم من الشعوب المسلمة والصديقة بلداننا المزدهرة على مصراعيها منذ ظهور البترول، تعملون فيها وتأكلون من خيراتها، وترسلون إلى أهليكم وبلدانكم ما يكفيهم، هذا غير المساعدات الضخمة والمشاريع الكبيرة لحكوماتكم ودولكم، الظاهرة والباطنة، فلتشكروا الله كثيراً، بأن البترول بأيدي العرب الكرام وعند أصحابه المؤتمنين عليه، ولو كان في أيديكم لما جاءنا منه (جالون) ناهيك عن البرميل!
إنني أدعو سفهاء العرب من المشرق والمغرب، ومن العامة والخاصة أن يثوبوا إلى رشدهم، وينصرفوا إلى شأنهم، وألا يبتزونا أو يتطاولوا علينا، فللصبر حدود.. وكذلك للطيبة والكرم والحياء.
لقد نجحنا في مجال تنمية أرضنا وشعبنا فانحسرت الأمية في دولنا إلى أقل من 10%، وهذا مثل واحد، بينما ارتفعت الأمية في بعض الدول العربية التي تزايد علينا إلى 40 أو 60% وتبخرت اقتصاداتها وعشش في ربوعها البؤس والحرمان والفقر والفشل.. فاللهم لا شماتة.
وأخيراً أقول مع الشاعر:
مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفوناً!
والسلام على من اتبع الهدى.