تكشفت خيوط جديدة في قضية تزوير الصك الملياري، عبر اعترافات جديدة أدلى بها متهمون أمام قضاة المحكمة الإدارية بجدة أمس، حيث ذكر بعضهم أن اكتشاف التزوير لم يتم إلا بعد تلقي كتابة العدل خطابا من البنك الزراعي يفيد برفض استخراج الصك، وهو ما يتعارض مع خطاب سابق لذات البنك يفيد بعدم الممانعة في استخراج الصك، ليكتشف بعد ذلك أن الخطاب الأول "مزور"، وأن هناك أشخاصا تواطؤوا لإعداد هذا الخطاب لتمرير الصك محل الاتهام.. جاء ذلك في جلسة عقدتها المحكمة الإدارية بجدة أمس، وحضرتها "الوطن"، لمحاكمة 12 متهما في قضية التزوير، بينهم كاتب عدل وكاتب ضبط وموظفون في المحكمة العامة وكتابة العدل بمكة المكرمة، إضافة إلى رجل أعمال وصياد سمك، ومتهم جديد يضاف إلى القائمة استدعته المحكمة أمس، وهو هامور عقارات بمدينة الرياض، ليرتفع عدد المتهمين بالتورط في هذه القضية إلى 13 متهما. وعجز المتهمون بتزوير الصك الملياري الذي تندرج تحته 4 صكوك "مزورة"، ولا أساس لها بالمحكمة، وتخص أراضي مساحتها 1.6 مليون متر مربع بمكة المكرمة، عن إثبات تملكهم للأراضي، إلاّ بقولهم إنهم أحاطوها بعقوم وشبوك قبل 20 عاما، وبرر متهم تنازله عن نصف قيمة إحدى أراضي الصك بمساحة 91 ألف متر مربع وقيمتها السوقية 90 مليونا، في جبل خندمة بمكة لسمسار عقار، بعجزه عن إصدار صك للأرض، قائلا إن والده أبلغه شفهيا بأنه يهبها له. وفي ذات القضية، كشفت مصادر مطلعة لـ"الوطن" عن تمكن الجهات المختصة من القبض على متهم "هارب" من ذات القضية، وهو هامور عقارات في الرياض، وستتم إحالته إلى المحكمة الإدارية لضمه إلى المحاكمة الحالية مع 12 متهما في القضية.

وكشف المتهم الخامس، وهو موظف في سجلات المحكمة العامة بمكة المكرمة، خلال الجلسة أمس، عن تفاصيل اكتشاف خيوط القضية، قائلا إنه ورد إلى رئيس المحكمة خطاب من البنك الزراعي يفيد بعدم جواز إفراغ صكوك الأراضي محل الاتهام، بعد أن كانت المحكمة قد تسلمت خطابا من البنك الزراعي يجيز إفراغ الصكوك محل الاتهام، وهو ما دفع رئيس المحكمة إلى توجيهه عاجلا مع كافة أوراق الصكوك إليه، وإنه اكتشف أن القضية قد صدرت مرتين إلى رئاسة المحكمة وبأوراق مختلفة كل مرة، وهو ما أظهر تزوير الخطاب الأول.

وبمواجهة كاتب الضبط "المتهم الأول" بأقوال كاتب العدل ضده بأنه هو من أفرغ الصكوك، أجاب بأن إفراغه للصكوك جاء بتوجيه من كاتب العدل، وقال إنه أفرغ الصكوك قبل أن يعلم بأنها مزورة. وواصل المتهم الأول، وهو كاتب الضبط، إنكاره لاعترافاته المصادق عليها شرعا أمام المحكمة الجزئية بجدة، حيث جاء فيها أقواله أن المتهم الخامس "رجل أعمال" وصاحب مكتب عقاري، أطلعه على صك استحكام بمدينة مكة المكرمة صادر من المحكمة العامة، وأنه لاحظ أن الصك غير مميز ويخص مساحة شاسعة جدا، وأنه طلب منه أن يفرغ الصك، وقال له إن الصك ولادة أسبوع واحد، فيما كرر تأكيده بأن أقواله أخذت منه بالقوة والإكراه، وبمواجهته بأقوال موظف سجلات المحكمة، المتضمنة أن المتهم المذكور طلب صكوك الأراضي منه وأنه رفض، أجاب بأن ذلك صحيح، وبمواجهته بأقوال المتهم الثالث المتضمنة تسلمه مبالغ الرشوة مع كاتب العدل، والتي اتفقت مع أقوال باقي المتهمين، أجاب بأن ذلك غير صحيح.

وبسؤال المتهم الثاني، وهو كاتب العدل، عن تهمة إفراغ الصكوك المزورة، أجاب بأنه لم يكن يعلم بأنها مزورة، إلا حينما وصلته الإفادة الثانية من رئاسة كتابة المحكمة، والتي أُمِرَ فيها بإيقاف المعاملة للأراضي، وأنه لا وسيلة هناك لمعرفة أن الصك مزور إلا من خلال رئاسة المحكمة التي يمكنها تقييم الصكوك، وأنه خاطب رئيس المحكمة بذلك، مؤكدا أنه وصله خطاب مزور من الرئيس يفيد بسلامة الصكوك، إلا أنه وصله بعدها مباشرة خطاب آخر يفيد بأنها مزورة ويأمر بإيقاف إصدارها.

وأجاب متهم سادس بأن الأرض التي تم إفراغها باسمه في الصك المزور في منطقة جبل خندمة في مدينة مكة، لا يملكها ولكن يملكها والده، وأنه ليس لديهم أي إثبات أو صك شرعي لها، وإنما والده أخبره بالأرض شفهيا باعتبارها هبة له، وقال له القاضي: هل يتصور شخص يملك أرضا بمساحة 91 ألف متر يتبرع بنصف قيمتها السوقية التي وصلت إلى 90 مليونا إلى سمسار عقارات؟ وذكر له القاضي أن موافقته على نصف قيمة الأرض تدل على أنه لا يملك الأرض، "وإنما السيناريو الصحيح هو أن السمسار المتهم عرض عليك وضع اسمك على صك يصدره وأنت قبلت"، ثم قررت المحكمة رفع الجلسة إلى نهاية ربيع الأول المقبل لاستكمال نظر الدعوى.