لولاها لماتت السينما المصرية التي تعرضت بعد منتصف السبعينات إلى قصور شديد في التمويل، دخل البلد في أزمة تحرير وتخصيص صعدت بأقطاب جديدة إلى الاقتصاد المنهك بفعل الجبهات العسكرية الساخنة.. ارتفعت التكاليف وغلت الأسعار فجاءت الثمانينات لتكون عقد سينما المقاولات.

ميزانيات أفلام محدودة وتوليفات معلبة تحشد نجوم الصف الثاني، وفق خلطة "أكشن" رخيص وكوميديا سوقية أحيانا مع استعراضات شعبية.. قصص جاهزة وبهارات مضافة.. فنانات استعراضيات متقاعدات ومستجدات خلف مطربين شعبيين، وقليل من نجوم كرة القدم.. هذا كل ما في الأمر، يكتب الفيلم ويصور ويعرض خلال أسبوعين، في زمن صعب أنتجت المئات من الأفلام ولكن النادر منها بقي في الذاكرة.

أذكر "الكيف" مثالا جليا على الموضوع والفكرة والنوعية، بإمكانات بسيطة وأهداف بعيدة حوى "لوثة" فنية ووجهة نظر متمردة، حوار مختلف ينتصر للمخدرات ويبرر لها، عمل "يشقلب" العقل، أما نجوم المرحلة فكانوا سعيد صالح ويونس شلبي وطبعا سمير غانم، إسعاد يونس نالت نصيبا لا بأس به، كذلك هياتم وأحمد عدوية.

لا يمكن نسيان المجاميع التي حفلت بها تلك المرحلة، وحيد سيف وسيد زيان وعلي الشريف وأخرين لا أذكرهم، الجميع يريد أن يعمل لمجرد العمل حتى لا تتوقف القاطرة السينمائية المصرية التي تحركت قبل ذلك بمئة عام.. أوضاع محزنة لعشاق الفن السابع قبل أن يأتي خيري بشارة بخطة الإنقاذ من خلال فيلم "كابوريا" 1990 الذي فتح من خلاله المجال لفكرة سينما الشباب، أتبعه بفيلم "أيس كريم في جليم" 1991 ثم "أميركا شيكا بيكا" 1994 وصولا إلى 1996 الذي قدم خلاله محمد فؤاد وكريم ضياء "إسماعيلية رايح جاي"، حينها توسعت قاعدة النجاح الجماهيرية. انتعشت السينما المصرية ومنحت قبلة الحياة تجاريا طبعا حتى خرج فيلم "صعيدي في الجامعة الأميركية" 1999 الذي رفع معدلات الحضور وزاد سقف الأجور و"لخبط" خارطة النجوم.. وأهم من ذلك شرع الأبواب أمام الشباب الجديد فنجت السينما.