تمر بنا الذكرى الثامنة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، والتي تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات واستمراراً للمسيرة الخيرة لبلادنا على مر تاريخها.

وحينما نتطرق إلى شخصية خادم الحرمين الشريفين فنجد إجماع الناس على حبه، والحديث عنه يعني الحديث عن أحد أهم الشخصيات العالمية في القرن الحادي والعشرين، ومن الصعوبة بمكان أن تفي مقالة واحدة بجانب من جوانب مسيرة وسيرة هذا الإنسان الكريم.

لذا سوف أتحدث في لمحة موجزة عن دور الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دعم دور ديوان المراقبة العامة ومتابعته المستمرة لأدائه، وتمكين الديوان من النهوض بالواجبات والمسؤوليات المنوطة به على أكمل وجه.

فديوان المراقبة يعتبر الجهاز الأعلى للرقابة والمساءلة على مستوى الدولة، وتتمثل اختصاصاته في المحافظة على المال العام وإحكام الرقابة عليه صرفاً وتحصيلاً، والتحقق من حسن استخدامه في الأوجه المخصصة له، من خلال "المراجعة المالية" اللاحقة لحسابات الجهات الحكومية والمؤسسات والشركات التي تساهم فيها الدولة، والتحقق من سلامة تطبيقها للأنظمة والتعليمات المالية والمحاسبية، بالإضافة إلى التحقق من كفاءة وفاعلية الأنشطة والبرامج والخدمات الحكومية، من خلال ممارسة "رقابة الأداء" لبلوغ الأهداف المنشودة وفق خطط التنمية المعتمدة.

ويعمل الديوان في إطار تطبيق مفهوم الرقابة الإيجابية الشاملة التي تهدف إلى تصحيح الأخطاء ومعالجة الانحرافات وفق الأنظمة والقوانين، وتقديم التوصيات والحلول العملية المناسبة للوصول إلى إدارة حكومية كفؤة وقادرة على النهوض بمهامها وتحقيق أهدافها المرسومة بفاعلية.

ولأهمية دور الديوان في عملية الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد وترسيخ مبدأي الشفافية والمساءلة، حظي الديوان بدعم ورعاية مستمرين من خادم الحرمين الشريفين، وقد تجسد ذلك بجلاء في مناسبات عدة، ألخصها في الآتي:

أولاً الدعم المعنوي: ففي أحد استقبالات الملك عبدالله لرئيس ديوان المراقبة العامة الأستاذ أسامة بن جعفر فقيه، عند استلامه نسخة من تقرير الديوان السنوي، قال، حفظه الله : "أنتم مرآة الدولة، والأمانة ليست مستغربة عليكم أنتم وأعوانكم، بارك الله فيكم"، وهذه الكلمات المعبرة والعميقة حملت لمنسوبي الديوان معاني عظيمة في مقدمتها تقدير الملك لما يبذلونه من جهد عند ممارسة اختصاصاتهم وأداء مهامهم الرقابية.

ومن الأوجه الأخرى للدعم المعنوي للديوان، توجيه خطابات الشكر والتقدير إلى موظفي الديوان في مناسبات مختلفة، بالإضافة إلى صدور أوامر سامية تؤكد على جميع الجهات الحكومية بتمكين الديوان من ممارسة اختصاصاته ومهامه بحرية واستقلال تام، دون تدخل من أي موظف أو مسؤول، ومساءلة من يخالف ذلك، مع ضرورة التعاون التام مع الديوان وتزويده بجميع البيانات والمعلومات اللازمة، وتمكينه من الاطلاع على جميع السجلات والوثائق والعقود دون قيود.

ثانياً الدعم المادي للديوان: وبهذا الشأن صدرت عدة أوامر سامية تؤكد على ضرورة تلبية احتياجات الديوان باعتباره جهازاً له صفة الديمومة، ودعمه يكمل ما تهدف إليه الدولة من إتقان العمل في الجهات الحكومية.

وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، تم إقرار بدلات مالية كنسبة مئوية من الراتب تصرف شهرياً لموظفي الديوان، وصرف مكافآت تشجيعية لمنسوبي الديوان الذين يؤدي اجتهادهم ويقظتهم إلى اكتشاف صرف مبالغ من قبل الجهات المشمولة برقابة الديوان دون وجه حق أو الالتزام بها دون سند نظامي مما ينتج عنه استرداد مبالغ كبيرة لصالح خزينة الدولة.

بالإضافة إلى ما سبق ذكره، فقد تم في عهد خادم الحرمين افتتاح عدة فروع جديدة للديوان في كل من منطقة جازان ونجران والمدينة المنورة والباحة والقصيم والحدود الشمالية، وإنشاء مبنى حديث للمركز الرئيسي للديوان في مدينة الرياض.

أما بخصوص الموارد البشرية، فقد صدر الأمر الملكي رقم أ/24 وتاريخ 20 /3 /1432هـ القاضي بإحداث (300) وظيفة للديوان، بالإضافة إلى نقل نشاط الرقابة المالية من هيئة الرقابة والتحقيق إلى الديوان.

إن دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، للديوان يؤكد على عزم قيادتنا الرشيدة على مواصلة التطوير الشامل ومحاربة الفساد ورفع كفاءة العمل الحكومي وتحقيق العدل والمساواة لتوفير أسباب العيش الكريم لكل مواطن.

سدد الله خطى خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز في قيادة البلاد لمزيد من التطور والازدهار، سائلين الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا ويديم أمنها واستقرارها..إنه سميع مجيب.