نايف الحميضي

عضو الوفد السعودي

الدائم لدى الأمم المتحدة


مع نهاية كل عام ميلادي من كل سنة تتجه أنظار المواطنين وتتطلع آمالهم نحو جلسة مجلس الوزراء برئاسة الملك المفدّى وما يتم فيها من إعلان عن الميزانية العامة للدولة وما تحمله من مؤشرات تتّسم غالباً بالطابع الإيجابي وذلك لاستمرارها ولله الحمد في تحقيق الفائض في الموازنة المالية وثباتها بفضل الله أمام كثير من الهزّات الاقتصادية والتي أصابت وحدثت لكثير من بلدان العالم وكذلك لتعلّق الآمال الكبيرة نحو تعزيزها لمسيرة التقدم والنمو الاقتصادي واستمرار الإنفاق والعطاء من أجل مواجهة شتّى أنواع التحديات والصعاب والتي تقف حجراً عاثراً في طريق ومسيرة ازدهار ورقيّ الدولة وراحة مواطنيها، وكذلك ما ينتج عنها من زيادة الإنفاق على كثير من المشاريع التنموية والقطاعات الخدمية والصحية والتعليمية ومشاريع البنية التحتية والتي تسهم في الرفع من كفاءة ومستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، ولقد جاء إعلان الميزانية لهذا العام ببشائر الخير والبهجة وذلك لما تضمّنته من تحقيق أكبر فائض مالي في تاريخ المملكة بمبلغ قدره 386 مليار ريال وبإيرادات متوقعه للعام المقبل قدّرت بمبلغ 829 مليار ريال ونفقات قدرت بمبلغ 820 مليار ريال حيث تضمّنت مشاريع وبرامج جديدة واستكمالا واستمرارا لمشاريع قائمة في القطاعات الحكومية التنموية كافة وعلى الأخص في قطاعات التنمية البشرية ومشاريع البنية التحتية ومشاريع الخدمات حيث تم اعتماد ما يزيد على 204 مليارات ريال لقطاع التعليم العام والعالي وتدريب القوى العاملة وتحسين البيئة التعليمية وتطويرها بما يتلاءم مع مخرجات العصر وذلك من خلال إنشاء مدارس جديدة ومراكز للتدريب وكذلك استكمال المدن الجامعية القائمة وزيادة أعداد الكليّات والتخصصات، أما ما يخص قطاع الخدمات الصحية والاجتماعية والتي تشكل الهاجس الأكثر اهتماما لدى المواطن فقد تم اعتماد مبلغ 100 مليار ريال لذلك أي بزيادة قدرها 16% عن العام الماضي وذلك من أجل بناء تسعة عشر مستشفى حديث بالإضافة إلى بناء خمس مدن طبية يتم توزيعها على مناطق المملكة كافة وأيضاً استكمال بناء مراكز الصحة الأولية و دعم برامج الضمان الاجتماعي وإنشاء المدن الرياضية ودُور الرعاية والتأهيل الاجتماعي وغيرها كثير من الاعتمادات لكثير من المشاريع والبرامج والتي تهدف إلى خدمة المواطنين بجميع شرائحهم وبشكل مباشر وملموس لكن الشيء المهم أو السؤال الذي يبرز هو : ما مدى تفاعل المسؤولين مع توجيهات خادم الحرمين الشريفين والتي اتسمت بطابع الشفافية والوضوح نحو الالتزام بتطبيق الاعتمادات كافة التي تمّت وذلك للوصول إلى آمال وتطلّعات المواطنين وتحقيق أهدافهم والتي ينشدونها من ميزانية الخير حيث وجّه حفظه الله الوزراء والمسؤولين بالظهور أمام الإعلام وشرح جميع ما يتعلق بهم من مسؤوليات وأعمال من أجل سرعة التفاعل مع تلك القرارات وسرعة تطبيقها وتنفيذها وقد بين حفظه الله وأكّد على وجوب تفعيل تلك القرارات والاعتمادات الخاصة بالميزانية وأنها خرجت من ذمّته إلى ذمّتهم وأنهم مسؤولون عنها أمام الله ثم أمامه عن أي تقصير أو إهمال أو تهاون قد يضر بإستراتيجية الدولة وخططها التنموية المستقبلية.

لقد انتهج خادم الحرمين الشريفين وفقه الله ومنذ البداية مبدأ الوضوح والشفافية في الأمور كافة التي تخص الدولة وجميع الخطوات التي يُقدم عليها مما عزّز الثقة في نفوس جميع أبنائه المواطنين لذلك فقد أكّد على جميع الوزراء والمسؤولين على وجوب السير على هذا النّهج وهذا الأساس من أجل الإسهام الفاعل في ترجمة المضامين الجوهرية لسياسة الإصلاح المالي والإداري وتحويلها إلى واقع فعليّ يساعد على التحقق من حُسن استخدام المال العام بأنجح الأساليب الاقتصادية والتي تكفل بلوغ الأهداف المرسومة كافة من مردود الإنفاق على الاقتصاد الوطني وكذلك من أجل تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة في جميع مناطق المملكة مما يساعد على تلبية احتياجات المواطن أينما وجد ومن أجل تحقيق العدالة المنشودة بين أفراد المجتمع وإيجاد مجتمع مترابط بعيد عن أي شكل من أشكال الانحرافات المتعددة والتي قد تعوق مسيرة التقدم والتنمية الوطنية.

إن استمرار الطفرة التي تمر بها المملكة من خلال ميزانيات الخير التي تم اعتمادها يعتمد بعد الله على التطبيق الفعلي الواضح والنّزيه والعمل الجادّ لتلك القرارات الملكية السّامية وعلى المستويات والأصعدة كافة والبعد الكامل عن جميع مظاهر الإهمال والتقصير واللامبالاة وهذا هو المقصد الأساس والمهم الذي استشفيته من كلام خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية.