أحمد حسين الأعجم


لا يملك الإنسان إلا أن يعبر عن دهشته وحزنه وألمه في آن واحد وهو يرى هذا الكم الهائل من الإسفاف الذي تبثه وسائل الإعلام ( العربية) باختلاف أنواعها وخاصة القنوات التلفزيونية، سواء من مسلسلات سخيفة أو برامج مسابقات فنية سطحية أوحتى برامج حوارية عقيمة.

وسأركز هنا على برامج المسابقات الفنية واكتشاف المواهب! التي انتشرت انتشار النار في الهشيم، بدءاً من (ستار أكاديمي) إلى (نجم الخليج) وأخيراً (أرب آيدول). والمؤسف أن هذا المد الفني قد وصل إلى القنوات المخصصة للأطفال، فها هي واحدة من أشهر قنوات الأطفال في العالم العربي تقيم مسابقة لاكتشاف مواهب الأطفال في أداء الأناشيد تحت اسم (الكنز)، وتمعن للأسف في استغلال براءة ودموع الأطفال دون حسيب أو رقيب، والسؤال هنا هو لماذا؟ لماذا كل هذه البرامج لاكتشاف المواهب؟ وهل عالمنا العربي بحاجة للمزيد من المطربين والمطربات والراقصين والراقصات والمنشدين والمنشدات. خاصة في ظل الأوضاع (المحزنة) التي نعيشها ونعايشها بدءاً مما يحدث في فلسطين وأفغانستان والعراق، ومرورا بما خلفه الربيع العربي في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن، وانتهاءً بالمأساة السورية، بينما الإعلام العربي يعيش أوضاعاً (مفرحة) قوامها الغناء والرقص والاحتفالات، فهل هذا الإعلام ينتمي لنا أو يمثلنا؟ إنه سؤال مشروع وواقعي جداً، ففي الوقت الذي يجب أن يكون الإعلام صورة عاكسة للواقع ومعبرة عنه ومستحثا للهمم وشاحذا للعقول والقلوب تعايشا مع الواقع الذي نعيشه، نجده يتجه اتجاها معاكسا تماما، ويركز على (تسطيح) عقول أجيال وليس جيلا واحداً من خلال ما يقدمه ويهتم به ويركز عليه، حتى أصبح من حقنا استحضار نظرية (المؤامرة) إزاء ما نراه من تناقض عجيب بين واقع العالم العربي والإسلامي وواقع إعلامه! وفي ظل الدور (السلبي) الذي يؤديه التعليم العام والعالي في تشكيل الثقافة والوعي الاجتماعي، وجدت وسائل الإعلام الفرصة متاحة لتشكيل بل (تسطيح) الثقافة والوعي الاجتماعي عموما، إن معظم أطفالنا اليوم لا تتجاوز اهتماماتهم متابعة وجمع صور منشدي ومنشدات قنوات الأطفال، ومعظم شبابنا لا تتجاوز اهتماماتهم المتابعة والتصويت لنجوم ونجمات برامج المسابقات الفنية، أو متابعة آخر تقليعات الموضة أو متابعة البرشا والريال، إننا نعيش تناقضاً عجيبا بين أوضاعنا وتخطيطنا، وبين واقعنا وأحلامنا، فأيّ جيل نبني، وأيّ فكر نرسخ.