حين ندرك أن تضاريس الوطن قبل ثماني سنوات لم تعد هي ذات التضاريس، وأن هناك من الحراك التنموي الشامل والهائل ما كان قادرا على إعادة تشكيل الواقع والارتقاء به في شتى ميادين التنمية، فلابد لنا من الوقوف أمام تلك اللحظة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين وهو يدشن فجرا جديدا في مسيرة التنمية السعودية الحديثة، حين توجه لعموم أبناء الوطن في خطابه التاريخي لدى توليه مقاليد الحكم، الذي حمل مضامين تؤكد وضوح الرؤية في ذهنه كقائد أدرك بثاقب رؤيته تطلعات مواطنيه، الذين أشركهم في بناء وتنفيذ خطط التنمية، ولنا أن نتذكر اليوم قوله: "أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري، وأن تعينوني على حمل الأمانة، وألا تبخلوا علي بالنصح والدعاء".
في ظل هذه المعادلة التي يندر تحققها في كثير من بلدان العالم، نجد أن خادم الحرمين الشريفين قد جعل من الإنسان السعودي شريكا مهما وفاعلا في صناعة الفارق التنموي، ومؤثرا في معادلة التطور والإصلاح، لذلك بادر ـ يحفظه الله ـ إلى منح العنصر البشري جل اهتمامه وهو ما تعكسه بوضوح السنوات الثماني الماضية، وما خصص من ميزانيات لتنمية شباب وفتيات الوطن بافتتاح الجامعات والمعاهد في معظم مناطق الوطن، وتدشينه لأضخم برنامج ابتعاث خارجي على مستوى العالم، لذلك حين يصبح التطوير والإصلاح من أبرز ملامح هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين، فإننا نستذكر في اللحظة ذاتها تلك الكلمات التي لن ينساها المواطن السعودي "أعاهدكم بأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة".
إننا اليوم نعي تماما حجم العطاء الذي بذل ويبذله هذا الملك القائد الذي غرس باحتراف متناه قيم النهوض وأولويات البناء الحضاري، لنواصل مسيرة الوطن في خوضه لغمار تحديات التنمية الحديثة. إن الذكرى الثامنة لمبايعة خادم الحرمين الشريفين تمنحنا انطلاقة جديدة لترجمة تطلعاته بالوفاء بواجباتنا وأداء مسؤولياتنا على الوجه الأكمل، إن واجبنا اليوم يحتم علينا وأمام كل هذه المكتسبات أن نقف صفا في وجه كل من تردت قلوبهم من وعثاء الباطل فالوطن حق، حق حبه والذود عنه.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين متمم بناء جيشنا السعودي وسادن تاريخ الوطن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع نائب رئيس مجلس الوزراء وسمو النائب الثاني.