إن العنف في المؤسسات التعليمية أصبح اليوم ظاهرة خطيرة على المجتمع، والخطير في الأمر هو غياب الاهتمام به والبحث في مسبباته ودواعي انتشاره الخطير. والذي يكون أبطاله رؤساء ومتنفذين فيها بل إنه أصبح ثقافة وجدت ذاتها داخل الفضاء التعليمي دون رادع، وربما يأخذ العنف اليوم معنى أكثر ضررا طالما لم يحجم في المؤسسة التعليمية تماما كما صدر من تصرف غير تربوي وغير إنساني من وكيلة كلية العلوم والآداب في محافظة بلجرشي والخاص بتطبيق عقوبات على الطالبات الممارسات لبعض المخالفات السلوكية حيث أصدرت قراراً بالتحويل لمستشفى الصحة النفسية لتقديم تقرير طبي لسبب المخالفة وأخذ التعهد على وليّ الأمر من قبل عميد الكلية، إضافة إلى إجبار الطالبة على الاشتراك في النشاط الديني طيلة فترة دراستها بالكلية. أن تقرر عرض طالبة جامعية على الفحص النفسي وإصدار تقرير بذلك فهذا خارج المألوف والإنساني والهدف التعليمي. فليس من المقبول والمنصف أن تحمل الطالبة تقريرا في ملفها الجامعي يشير إلى أنه تم تحويلها إلى مستشفى الصحة النفسية لمجرد سلوك بدر منها يمكن إنهاؤه داخل قسم إرشاد الطالبات.

المضحك المبكي في الجزء الثاني من هذه القرارات الغريبة الأطوار هو إجبار الطالبة على الاشتراك في النشاط الديني طيلة فترة دراستها بالكلية، هذه الفقرة من العقاب جعلت من النشاط الديني عقابا. ومن المؤسف أن تصل الأمور إلى حد أن يكون الدين عقابا.

مثل هذه القرارات التعسفية النفسية ليست حكرا على كلية العلوم والآداب في بلجرشي، بل نجدها في أكثر القطاعات الحكومية والتعليمية تحديدا.

إن ما قامت به وكيلة الكلية ينبغي أن يتم وقفه ومحاسبة كل من ساهمت في مثل هذه القرارات التي لا تضيف إلى المؤسسة التعليمية شيئا أكثر من كونها تسبب لها عارا حقيقيا لا يليق بالعلم ولا بالفتيات اللواتي كل ذنبهن أن عالمهن اقتصر على الحياة لساعات محدودة خلف جدران كلية أو جامعة لا توفر لهن أبسط تفاصيل الحياة الترفيهية. كليات البنات ليست أكثر من بوابات كبيرة بحارس، أعلم تماما ما تعنيه جدران كليات البنات وساحاتها الممتدة التي لا روح فيها موحشة خالية إلا من الفتيات المتعبات. هذه الكليات لا تحتوي على أية معنى للحياة التعليمية. حيث منعت فيها الصالات الرياضية، ولست هنا أتحدث عن ملعب كرة قدم، فهناك وسائل رياضية تناسب الفتيات في كل العالم إلا في كلياتنا.

وهنا أوجه مطالبة عاجلة إلى مدير جامعة الباحة بأن يتخذ الإجراء المناسب بما يليق بمؤسسة تعليمية تربوية للتحقيق في مهزلة هذا القرار الذي مس سمعة الكلية وطالباتها.