م. عايض الميلبي


يُحمد لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي ما حققته طوال الثلاثة عقود الماضية، ولا غرو أن دول الخليج الست مجتمعة قد شكلت كيانا فريدا لا مثيل له على المستويين العربي الإسلامي. ويكفي هذه الدول فخرا صمودها أمام كثير من المتغيرات والمستجدات، ومقاومتها لعواصف عاتية عصفت بالمنطقة، فكان لها بالغ الأثر على أنظمة وحكومات عدة، أدى ضعف قاعدتها إلى ترنحها وتصدع بنيانها، بيد أن دول المجلس ظلت تواصل مسيرتها ونهجها، وحتى إن تباطأت خطاها بسبب بعض الظروف أحيانا، إلا أنها بقيت سائرة في الطريق نفسه، الذي رسمه القادة بحكمة واقتدار. وإلى جانب ما قدمته لمواطنيها من أمن ورفاهية، وخدمات تعليمية وصحية ونحوها، لم تتوان عن مناصرة قضايا العرب والمسلمين العادلة في مختلف أرجاء المعمورة.

إن التقدم المطرد، والنهضة الشاملة التي سادت بلدان المجلس واضحة وجلية، لكن ذلك لا يعني الوصول لمستوى الكمال والتمام، إذ من الطبيعي أن يعتري العمل البشري شيء من النقص مهما كان حجم الجهود المبذولة. ولا شك أن استشعار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوجود ما يجعل تحرك المسيرة الخليجية دون المأمول، هو ما دفعه لأن يقول: "أصدقكم القول، بأن ما تحقق خلال مسيرة مجلس التعاون لم يرق للطموحات والآمال المعقودة .." حسب ما جاء في كلمته-يحفظه الله- أمام الدورة 33 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي التي ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وهذا يأتي من منطلق حرص الملك عبدالله واهتمامه البالغ بكل ما من شأنه تقدم وتطور الكيان الخليجي ليواكب الأحداث والمستجدات، والتحولات التي ما انفكت تحيط بدول المجلس من كل جانب.

من المعلوم أن صعود القمم يتطلب جهدا وعزيمة وهمة عالية، وكلما ابتعد المنافس عن نقطة البداية، مقتربا من القمة وجب عليه بذل مزيد من الطاقة والجهد؛ لأن حجم التحديات والصعوبات قد تضاعف. والحقيقة أن دول مجلس التعاون تمر بمرحلة زمنية تقتضي حث الخطى نحو التكامل في كل المجالات السياسية، والاقتصادية، والعلمية، والدفاعية، كي ترتقي لمستوى رفيع يجعل الطامع والحاسد في مكان قصي، لا يملك قوة تساعده ولا ناصرا يؤازره في سبيل تحقيق أهدافه المشبوهة تجاه الخليج وأهله. ويذكر في هذا الشأن أن مقومات نجاح اتحاد دول المجلس متوفرة، فالدين واللغة والعادات والثقافة والنسب، إضافة الى المصير الواحد كلها عناصر تربط شعوب هذه المنطقة ببعضها بعضا، وتجعل الاتحاد الخليجي حلما يمكن تحقيقه.