أكاد أجزم بأن شعبية الأمير فيصل بن خالد زادت بعد تصريحه الشفاف والمباشر حين قال "الخير واجد لكن ما هنا دبرة".. لأنه تحدث بعفوية، وبلغة مباشرة تعكس شعورا حقيقيا بقضايا منطقته.
عبارة "ماهنا دبرة" أو "الطاسة ضايعة" أو مثيلاتها من العبارات السعودية الصرفة؛ تشخص مشكلات واقعنا بشكل أقرب لفهمنا، وهذه أولى خطوات الحل.
وقياساً على ذلك، أقترح مناقشة قضايانا ومشاكلنا في أماكن أكثر حميمية وأقرب لواقعنا، مثلاً في "مشب" أو في "كشتة بر" أو حتى "مقناص".. ربما سنخرج بحلول حقيقية. لأن الحلول التي تخرج من خلف المكاتب الفاخرة أصبحت تخلق مشاكل أكبر.
مثلاً؛ الحل الذي أراد يوما ما علاج مشكلة نقص المعلمات، أسفر عن قضية البديلات المستثنيات.. والحل الذي أراد زيادة الكوادر الصحية السعودية؛ أوجد آلافاً من العاطلين، بخلاف الكوادر الضعيفة وغير المؤهلة. وأيضاً الحل الذي أراد علاج مشكلة الإسكان عن طريق ضخ القروض؛ أوجد مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي وتوفرها، والأيدي العاملة، ومواد البناء.
يمكنكم استعراض 90% من الحلول التي طبخت على عجل، لتكتشفوا أنها تسببت في إيجاد مشاكل أكبر وأعظم، وربما آخرها الحملة السريعة والمتسرعة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة، والتي وجه خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بتأجيلها، لمنح العمالة المخالفة فرصة تصحيح أوضاعها.
أين يكمن الخلل؟ الإجابة الأقرب عن هذا السؤال تشير إلى سوء التخطيط، وعدم استيعاب المشكلة بشكل كاف، وربما أيضاً في الفردية التي تطغى على معظم القرارات، والتي لا تتيح استشارة أهل الاختصاص، ومن يعيشون المشكلة بتفاصيلها الدقيقة.
أعود الآن إلى العبارة الشفافة "ما هنا دبرة" وأنا على يقين بأن الحلول الحقيقية تكمن في تلك الشفافية التي أتت بها، والتي نفتقدها في مناقشة القضايا، وإصدار القرارات، وطرحها للجميع، لدراسة الأفكار والمقترحات من جميع الجوانب، لنخرج في النهاية بحلول مدروسة بعناية، وذات أثر حقيقي وليس وقتي.