ليس هناك أجمل من أن ترى وردة تتفتح أو غيمة وادعة تنهمر أو مصب نهر يترقرق أو ثغرا يفترّ عن ابتسامة صدق وطمأنينة، يقابل ذلك كله أن ترى مبدعا جديا يولد، وقارئا جميلا ينبعث ومثقفا حقيقيا ينبني وعملا دؤصوبا مخلصا يشمخ ويتسامى لتطل من شرفاته رايات النجاح والتألق، إن للمبدع المطبوع دورا لا يستطيع أحد تجاهله إذ ليس صحيحا أن يبقى في برجه دون أن ينصهر بحراك يومه وينتظم في نسيج مجتمعه، ذلكم الدور تابعته على شكله الأنموذج وتشكله المدروس في أنشطة قاصة مبدعة رهنت حصيلتها الثقافية ومكنونها الإبداعي في رعاية موهوبات ناشئات لم يحتجن منها سوى إيقاد شمعة على الطريق؛ فكان أن اهتدين إلى واحات المعرفة ومرافئ الإبداع.

لقد كتبت الحكاية برمتها القاصة المبدعة تركية العمري حين اختطت نهجا مميزا في العناية بالمواهب المقبلة من الطالبات الصغيرات عبر ملتقى مدى الحكاية الذي يمثل نشاطا من أنشطة مقهى مدى الثقافي، حيث رسمت أهدافها لتحقيق تنمية ثقافية مجتمعية في المؤسسات التعليمية تعمل في محتواها على عقد ورش عمل وإجراء تدريبات عملية في مجالات إبداعية متنوعة، أهمها كتابة الحكاية للأطفال وتشجيعهن على القراءة، إضافة إلى مهارات الفنون الأخرى كالرسم والتدريب على تنمية الذائقة الجمالية والحس النقدي لديهن، ناهيك عن الترجمة للمتفوقات منهن في اللغة الإنجليزية، فكان النتاج مميزا وباعثا على الأمل في جيل جاد ومبدع وجد طريقه، وما كان ليفعل لولا أن قيض الله له أمثال هذه الناشطة المجتمعية المثقفة التي شعرت بمسؤوليتها تجاه زهراوات جيلها، ولعمري لهو دور نبيل ومرهق في الوقت نفسه لكنه المتعة كلها حينما تتألق المنجزات نجوما في سماء المشهد.

إن على المبدعين والمثقفين عموما واجبا لا مناص عنه ولا حيلة دونه في تقديم أنفسهم لأبناء جيلهم ممن تلتمع في أرواحهم جواهر الإبداع والنجابة؛ غير أنها في حاجة إلى من ينقب عنها ويستخرجها ثم يعمل بصدق وحماسة على صقلها وإخراجها إلى النور غالية ثمينة بل نادرة أحيانا، وليكن ذلك كله بتضافر الجهود كما كان في قصة ملتقى الحكاية بين المؤسسة التعليمية من جهة والمبدع المثقف من جهة أخرى، في تناغم جميل ورؤية مشتركة تروم أفقا واحدا نطمئن جميعا فيه إلى أن أبناءنا وبناتنا بخير، وأنهم وجدوا ما أرادوه منّا، فشكرا لكل مبدع مخلص انعكس جوهر إبداعه على رؤيته وسلوكه، والشكر موصول لتركية وزهراواتها.