أقر مجلس الشيوخ الأميركي مساء أول من أمس اتفاقا حول الضرائب، يشكل مرحلة أولى لتجنب إجراءات التقشف القاسية "للهاوية المالية" لأول اقتصاد في العالم. وتبنى المجلس بغالبية ساحقة بلغت 89 صوتا مقابل ثمانية أصوات، النص الذي تفاوض عليه البيت الأبيض والجمهوريون الأعضاء في المجلس لساعات قبل ذلك، لكن يفترض أن يحصل هذا النص على موافقة مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون قبل أن يوقعه الرئيس باراك أوباما ليدخل حيز التنفيذ.

ووعد رئيس مجلس النواب جون باينر بعرض النص على المجلس، لكن قد يواجه صعوبة في تمرير التسوية لدى الجمهوريين الذين يرفضون بشكل واضح أي زيادة في الضرائب. وإذا رفض المجلس النص، فسيكون البديل الإجراءات التي تفرضها "الهاوية المالية" من زيادة في الضرائب إلى اقتطاعات كبيرة في الميزانية يمكن أن تطبق بشكل آلي اعتبارا من أمس.

وبعد مفاوضات شاقة، توصل نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى اتفاق يقضي بزيادة الضرائب على الأميركيين الميسورين ويؤجل لشهرين أي اقتطاعات في النفقات. وبتصويت المجلسين على النص، ستتجنب الولايات المتحدة في اللحظات الأخيرة "الهاوية المالية" التي كانت تتهددها. وتعني الهاوية المالية سلسلة من الإجراءات من بينها زيادة في الضرائب بسبب انتهاء سريان الإعفاءات الضريبية الموروثة من عهد جورج بوش الابن واقتطاعات ضخمة في النفقات بموجب تسوية أقرها الكونجرس عام 2011. ويقضي الاتفاق بين ماكونيل وبايدن بزيادة الضرائب للعائلات التي يزيد دخلها على 450 ألف دولار سنويا وتمديد تأمين البطالة.

وكان أوباما دافع خلال الحملة لإعادة انتخابه عن عتبة الـ250 ألف دولار، لكنه اضطر للمساومة.

وقبول الجمهوريين فكرة زيادة الضرائب هذه كان صعبا أصلا، إذ إنهم رفضوا قبل عيد الميلاد أي زيادة في الضرائب على الذين تزيد دخولهم على مليون دولار سنويا. وسيسمح الاتفاق بإرجاء لشهرين في الاقتطاعات في الميزانية التي كان يفترض أن تدخل حيز التنفيذ أمس، لإعطاء مزيد من الوقت للمشرعين من أجل إعداد خطة لخفض النفقات. وحذر خبراء اقتصاديون من إمكانية عودة أول اقتصاد في العـالم إلى الانـكماش إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. فعدم تمرير الاتفاق في الكونجرس يؤدي إلى زيادة الضرائب بمقدار ألفي دولار لكل عائلة سنويا. كما يمكن أن يؤدي غياب الاتفاق إلى زعزعة أسواق المال. ففي جلستها الأخيرة في 2012، بدت بورصة نيويورك قلقة من الوضع قبل أن تغلق على ارتفاع بعدما تحدث ماكونيل عن تقدم في المفاوضات. ولم يعلن عن التوصل إلى اتفاق إلا بعدما أغـلقت بورصة نيويورك التي ستفتح أبوابها مجددا اليوم. وهذه المواجهة تنذر بأخرى خلال بضعة أسابيع حول رفع السقف القانوني للدين الذي تم بلوغه رسميا الاثنين. وقرار إرجاء القرارات حول النفقات لشهرين يمكن أن يؤدي إلى جمع هذين الملفين والوصول إلى "هاوية مالية" جديدة أكثر خطورة.

وكان رفع سقف الدين وهو من صلاحية الكونجرس أدى في 2011 إلى أزمة سياسية خطيرة بين البيت الأبيض والجمهوريين كلفت الولايات المتحدة تصنيفها الائتماني الممتاز من قبل ستاندارد اند بورز. وبانتظار تصويت الكونجرس على رفع سقف الديـن أعـلنت الإدارة الأميركية "إجراءات استثنائية" لإمهال البلاد بضعة أشهر وتجنيبها عجزا في تسديد أي دفعات.