أكد آية الله خامنئي للشعب الإيراني أن الانتخابات الرئاسية ستجري في وقتها المحدد، ورفض الشكوك التي تدور حول حيادية مجلس صيانة الدستور. ففي هذه الأيام، الإصلاحيون وزعيمهم الروحي الرئيس السابق محمد خاتمي، وأحمدي نجاد ومؤيدوه – الذين يطلق عليهم "المحافظون المنحرفون" - جميعهم يعبرون عن قلقهم بأن هناك من يملي على مجلس صيانة الدستور أن يرفض بعض طلبات المرشحين للرئاسة. وقد نفى آية الله خامنئي هذا الادعاء خلال خطابه للعمال في طهران يوم السبت الماضي، حيث قال: "مجلس صيانة الدستور حيادي، ومهني، وأعضاؤه سوف يقيمون المرشحين بعدالة".

السنوات التي قضاها الرئيس محمود أحمدي نجاد على كرسي الرئاسة كانت مليئة بالغموض والدلالات، وفتحت رئاسته فصلا جديدا في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وهي تهدد منافسيه بفضح بعض أسرارهم المشينة التي يبدو أن نظام نجاد يحتفظ بها للوقت المناسب. وبحسب أحمدي نجاد، فإن هذه الأسرار المشينة "إذا كشفت، فإنهم ـ الذين ستكشف أسرارهم ـ لن يكون لهم مكان بين الشعب".

من اللافت أن هذه الانتخابات القادمة ليس فيها أسماء لامعة كما كان الأمر في الانتخابات السابقة. جميع الذين أعلنوا عن نيتهم الترشح أشخاص غير معروفين نسبياً.

خلال السنوات الثماني الماضية، دمر الرئيس أحمدي نجاد سمعة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني بشكل كبير، خاصة فيما يتعلق بالفساد المالي لأبناء رفسنجاني والطرق الملتوية التي استخدموها لجمع ثرواتهم الطائلة، لذلك فإن فرص رفسنجاني في الفوز ضعيفة في حال فكر في ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة.

أحمدي نجاد استطاع أيضا أن يحطم آمال الإخوة لاريجاني في فوز علي لاريجاني في الانتخابات. منذ شهرين عرض الرئيس أحمدي نجاد شريط فيديو تم تصويره سرا للأخ الأصغر وهو يعرض رشوة على أحد المسؤولين. فيما بعد تعرض علي لاريجاني لموقف محرج عندما قاطعه كثير من الناس بهتافات مستنكرة خلال إلقائه كلمة في مدينة قم، وهي المدينة التي فاز في الانتخابات البرلمانية بأحد مقاعدها. كان اسم علي لارجاني أحد الأسماء الأوفر حظا بالفوز في الانتخابات منذ عدة أشهر، لكن عرض هذا الفيديو خلال بث تلفزيوني مباشر لجدال بين الرئيس أحمدي نجاد وعلي لاريجاني خلال جلسة برلمانية بعثر آماله في الوقت الحاضر.

الرئيس السابق محمد خاتمي مفكر وإصلاحي معروف، وهو يتمتع باحترام بالغ في المجتمع الإيراني، لكن من الصعب القول إن ترشحه للرئاسة يمكن أن يخلق موجة تأييد كافية لتحقيق فوز في الانتخابات القادمة. وحتى لو استطاع الوصول إلى كرسي الرئاسة مرة أخرى فإن خاتمي يعتقد أنه لن يتمتع بحرية كافية تجعله قادرا على فعل أي شيء هام في البلد.

من ناحية ثانية، لا يزال الرئيس نجاد يهدد بكشف المزيد من الأسرار الخفية التي قد تطيح بكثير من الرؤوس الكبيرة. كل ما في الأمر أنه، على ما يبدو، ينتظر الفرصة المناسبة. هل هناك حسابات بنكية سرية في سويسرا تعود لسياسيين بارزين مثل أبناء خامنئي وقادة كبار في الحرس الثوري فيها مليارات الدولارات؟ هل سيكشف نجاد عن وجود علاقات بين مسؤولين إيرانيين بارزين وإسرائيل؟ ماذا يحمل في جعبته بالضبط وهو يحاول المناورة لتسيير دفة الانتخابات بطريقة تخدم مرشحه القادم؟

مسؤولون كبار في الدولة، مثل رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية حسن فيروزبادي وبعض كبار رجال الدين في قم، طلبوا من الرئيس نجاد وضع حد للاضطرابات العامة التي يسببها، لكنه يبدو مصرا على المضي في فعل ما يراه صحيحا قبل انتهاء فترة رئاسته، أما خصومه فهم مشغولون على ما يبدو في قراءة شفرة الألغاز التي يطلقها في خطاباته بين الحين والآخر، لعلهم يستطيعون أن يخمنوا بعض ما يخفيه في جعبته ضدهم.

إذا كان الرئيس محمود أحمدي نجاد يتحمل اللوم لأنه تسبب بإضعاف اقتصاد إيران، وارتفاع نسبة التضخم، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وتعريض إيران لعقوبات إضافية صارمة، فإنه من جانب آخر يقف وراء كشف فساد عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين، وتسبب بإحراج رؤوس كبيرة في النظام، بمن في ذلك المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نفسه. غني عن القول إن الناس ينتظرون بشغف أن يكشف الرئيس عن مزيد من أسراره المثيرة.

من الواضح أن نجاد لا يخشى نتيجة الطريق الذي قرر أن يسلكه في الشهر الأخيرة من فترته الرئاسية الثانية، حتى لو أدى ذلك إلى أن يقضي باقي حياته في المنفى أو تحت الإقامة الجبرية، لذلك فإن الأسابيع الأخيرة للرئيس محمود أحمدي نجاد تبدو مليئة بالإثارة والغموض والأسرار الدفينة، ويبدو أن ما يحمله في جعبته سيكشف عن أمور أكثر إثارة من كل ما سبق.