شاركت خلال الأسبوع الفائت في الملتقى الإعلامي العربي في دورته العاشرة والذي أقيم في العاصمة الكويتية، حيث قدمت ورقة عمل حول الصحافة في ظل متغيرات الإعلام الشامل، قلت فيها إن الصحافة في ظل المتغيرات الحاصلة على التقنيات والمفاهيم المتغيرة نتيجة التقلبات السياسية العالمية قد ماتت للأسف الشديد كمفهوم مارسناه سابقا ودرسناه، والذي يعتمد على الحيادية والموضوعية ونقل الحقيقة المجردة، فالصحافة في غالبها اليوم انتهجت خطا جماهيريا يعد فيه الصحفي الذي لا ينقل وفق رأيه أو رأي الأغلبية، ضد الشعب ومعاديا للحقيقة.
لقد أوضحت الدراسة التي قام بها منتدى الإعلام العربي بدبي والتي حملت عنوان (نظرة على الإعلام العربي 2011- 2015) أن 87% يعتقدون أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً مهماً في الأحداث السياسية التي مرت بها الدول العربية، وأن 82% يرى أن نوعية الأخبار التي بُثت عبر القنوات الفضائية قد تحسّنت خلال الأحداث، وهنا أسأل: هل هذا التحسن يتوافق مع ما يقوله الناس أم مع ما تتضمنه الحقيقة؟ حيث الإجابة على ذلك التبيان ستفرق بين الحقيقة المجردة التي يجب أن يسعى لها الإعلام الحقيقي والحقيقة التي يريد أن يراها الشارع، ولقد بينت ذات الدراسة أن 75% يعتقدون أن التلفزيون لعب دورا رئيسيا في التأثير في الرأي العام خلال الأحداث والثورات، في حين أن فقط 7% يرون أن الصحافة المكتوبة قد تلعب دورا ملحوظا في الأحداث، في وقت يلوح الأمل في اتساع هامش حرية الرأي في العالم العربي، حيث يرى 79% أن ذلك الهامش سيتسع مستقبلا.
الصحافة كوسيلة تنوير وإخبار تمر دون شك بمشكلة، ويجب أن يعمل القائمون على الشأن الإعلامي على وضع عدد من الإجراءات لإعادة الدور الريادي لها، فيجب أن يكون التركيز على التخصص هو الأساس، إضافة لتبني الصحفي عقلية الصحفي الإلكتروني الذي يعمل وفق ثالوث السرعة والمادة المركزة والصورة، إضافة لأهمية الإيمان بالرسالة لا بالوسيلة، فالعمل الصحفي تتجدد وسائله لكن رسالته تبقى هي ذاتها، إلى جانب التركيز أكثر على أسس العمل الاستقصائي.
لا بد للصحافة بمهنييها ومؤسساتها أن تدفع نحو رفع سقف الحريات لا أن تنتظر أن تمنح حق النقد والمحاسبة، إضافة للعودة لأسس العمل الصحفي والذي يرى بأن الإعلام بكافة وسائله وقنواته يهدف إلى الإخبار والتنوير، لا إلى التجييش والتحريك لمصالح فكرية أو فئوية أو سياسية.