خسرت إيران في الربيع العربي الكثير من نفوذها في المنطقة، وتحاول بشتى الوسائل البحث عن حلفاء جدد؛ ليقوموا بتعويض كروتها المحروقة التي كانت دائما إما أن تلوح بها لإحراق المنطقة، أو تلجمها لتفاهمات مع الغرب. لم تنكشف إيران استراتيجيا مثل اليوم، فمتاريس الأسد تهاوت، والمالكي يترنح، و"نصر الله" أصبح مكروها بعد أن كان زعيما ملهما لكثير من الشعوب العربية. هذا الانكشاف مع عودة القطب الروسي كقوة عظمى، بلا شك يعطي صانع القرار في إيران دافعا للعب بالكرت الأخير لحماية النظام في ظل انهيار اقتصادي، وهو إعلان امتلاك سلاح نووي قريبا جدا.

قرأ الإيرانيون جيدا سياسة أوباما الناعمة، واستراتيجيته للأمن القومي التي حذف من مفرداتها مصطلح "الحرب الاستباقية"، وأورد أن القوة العسكرية ملاذ أخير وخيار يخضع لحسابات دقيقة في وقت ترزح فيه أميركا تحت اقتصاد ينازع بسبب الديون لن ينتظر الإيرانيين حتى 2016 بأي حال. فربما رجع صقور الجمهوريين.. سنوات ونحن نسمع أن هناك مباحثات، وأن التخصيب وصل إلى مستويات خطرة.. ونجاد ليس صدام، فالرجل يزور منشآته النووية، ويعترف أنه يمتلك برنامجا نوويا "سلميا" وما بين القوسين للقارئ تصديقه.. نحن لا نتحدث عن كوريا الشمالية بل نتحدث عن جار بيننا وبينه مئات الكيلومترات، إذن كل منجزات دولنا وتنميتها ستتعرض للابتزاز إما من جار نووي أو حليف قوي. ولأن النظام في إيران له مئات السوابق غير الإيجابية مع دول الخليج، فإن امتلاكه للنووي خطر داهم على الأمن القومي في دول الخليج لا يعادله خطر. أميركا تلعب دور اللاعب العقلاني، الذي يريد أن يحل الأمور علي الطاولة، مع أن تحت الطاولة الكثير، والعراق خير شاهد.

نحن في سباق نفسي مع التخصيب 5% 10% 15%.. ونحن أمام خيارين: إما امتلاك النووي أو ضربة استباقية تحطم هذا الخطر.. أما الانتظار والاحتواء والدبلوماسية والعقوبات فإنها أصبحت محفزات.. أما شماعة إسرائيل فأهديها للحرس الثوري، الذي يقاتل في دمشق مع أن الجولان على بعد دقائق.. إن ذهب حزب الله والحرس الثوري هناك فمرحبا بإيران نووية.. وإلا "ما دون الحلق إلا اليدين".. وما يردع النووي إلا نووي..