من المعروف أن الاتحاد الأوروبي يقدم تمويلا مهما للسلطة الفلسطينية ومساعدات إنسانية غالبا ما تكون الوسيلة الوحيدة للاستمرار للعائلات الفلسطينية خاصة في غزة.

من المعروف أيضا أن الاتحاد الأوروبي يجعل إسرائيل ثرية جدا على ظهور الفلسطينيين. آلية إثراء إسرائيل هي التجارة. هاتان السياستان المتناقضتان لا يمكن أن تستمرا معاً وهما تواجهان تحدياً.

الاتجاه الذي سيذهب نحوه الاتحاد الأوروبي هو الآن على الطاولة في رسالة من مجموعة الأشخاص الأوروبيين البارزين حول عملية السلام في الشرق الأوسط (EEPG) والتي يوجد فيها ثلاث نقاط رئيسة ستغير بشكل كبير دور الغرب في السماح لإسرائيل بانتهاك القانون الدولي في تعاملها مع الفلسطينيين.

رسالة مجموعة (EEPG)، الموجهة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، تقول إن محاولة إحياء أو استئناف عملية أوسلو طريقها مسدود، وآن الأوان للاتحاد الأوروبي للعمل على قرارات لمساعدة فلسطين سبق للاتحاد الأوروبي أن تبناها، ولتحريك نموذج جديد لحل الدولتين. الرسالة ليست ترياقا، وكثير من النقاط فيها تجب مناقشتها بشكل متعمق. لكن التغييرات الرئيسة موجودة ويراها الجميع، خاصة نقطة أن الحديث عن "الحقائق على الأرض" لتبرير المستوطنات اليهودية يجب وضعها جانبا بشكل كامل. الرسالة تدعو إلى "اعتراف صريح بأن الوضع الراهن للأراضي الفلسطينية هو وضع احتلال، ومسؤولية وضع هذه الأراضي، بحسب القانون الدولي، تقع على القوة التي تحتل الأرض." وتؤكد الرسالة أن "المستوطنات الإسرائيلية وراء حدود 1967 هي غير قانونية، ويجب أن يتوقف توسيعها وسوف لن يتم الاعتراف بها كنقطة انطلاق لأي مفاوضات جديدة."

الموقعون على الرسالة هم 19 شخصا من الأوروبيين البارزين – بما في ذلك سبعة وزراء خارجية سابقين، أربعة رؤساء وزراء سابقين، ورئيس سابق- من 11 بلدا أوروبيا، بما في ذلك بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، هولندا، ولاتفيا.

مراقبو الشرق الأوسط يعرفون أن الرسالة تعتبر تحديا مباشرا لإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أن إسرائيل "دولة يهودية" ومطالب وزير الخارجية جون كيري من الفلسطينيين بأن يقدموا تعديلا على مبادرة السلام العربية لعام 2002 من خلال التخلي عن حدود 1967 وتنازلات مستحيلة أخرى. الرسالة صدرت قبل يومين من حديث جون كيري عن أن عملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن تنتهي قبل سنتين على أكبر تقدير خلال شهادته أمام الكونجرس.

مؤيدو العدالة للفلسطينيين حول العالم، وخاصة في الولايات المتحدة، يمتدحون رسالة مجموعة (EEPG) ويقولون إنها فرصة حقيقية للتغيير في سياسة الشرق الأوسط من الغرب. الموقعون ليسوا فقط مراقبين، ولكن مسؤولين حكوميين كان لهم علاقة مباشرة في صياغة وتطبيق سياسة الغرب تجاه إسرائيل والشرق الأوسط خلال العقد الماضي.

ولكن لا تزال هناك مشكلة صغيرة وهي دور أوروبا في إثراء إسرائيل على ظهر احتلال الأراضي الفلسطينية. في أواخر 2012، أصدرت مجموعة من 22 منظمة غير حكومية تقريرا بعنوان "مقايضة السلام: كيف تساعد أوروبا على الحفاظ على المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية". من بين المنظمات غير الحكومية (كريستيان إيد) والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان. كاتب مقدمة هذا التقرير الذي يفتح آفاقا جديدة هو هانز دين بروك، وزير الخارجية الهولندي السابق ومفوض العلاقات الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي، وهو أيضا أحد الموقعين على رسالة (EEPG).

تقرير "مقايضة السلام" يقدم معلومات ثمينة حول مدى اعتماد إسرائيل على الاتحاد الأوروبي. يقول التقرير "آخر تقدير لقيمة الواردات الأوروبية من المستوطنات .. هو 300 مليون دولار في السنة؛ وهذا يعادل تقريبا 15 ضعفا لقيمة الواردات الأوروبية من الفلسطينيين."

بفضل الناشط الصحفي الفلسطيني-الأميركي رزي بارودن نتعلم ما هو أكثر عن المكاسب الإسرائيلية. إذا توقف الاتحاد الأوروبي عن شراء السلع المنتجة في المستوطنات اليهودية، سيكون هذا ضربة قاسية للاحتلال.

لا يمكن مطلقا انتظار العدالة من إدارة أوباما. الحقيقة المحزنة في أن جون كيري تلقى أوامر للسفر إلى منطقة الشرق الأوسط كل أسبوعين على المدى المنظور سيئة جدا ويجب أن تواجه بإهمال دبلوماسي. إذا بدا أن هذه النصيحة متطرفة ومبالغ بها، ادرسوا تصريحات المبعوثة الأميركية إلى الأمم المتحدة، سوزان رايس، التي صدرت عنها في الأسبوع الماضي في مؤتمر لمنظمة يهودية أميركية هي الوكالة التلجرافية اليهودية (JTA). بحسب هذه المنظمة فإن رايس قالت إن جزءا كبيرا من عملها في الأمم المتحدة هو الدفاع عن إسرائيل.

إذا قلصت الولايات المتحدة الأميركية دورها في الأمم المتحدة إلى مجرد لعب دور المحامي عن إسرائيل، فقد حان الوقت لباقي دول العالم أن تأخذ المبادرة بنفسها. وفي هذا الإطار فإن توصيات مجموعة (EEPG) بداية طيبة.