كنت خلال الأسبوع الماضي بصحبة عدد من الكتاب وقادة الرأي في زيارة للمديرية العامة لمكافحة المخدرات، وذلك بغرض التعرف على المخاطر المحيطة بالمملكة في هذا الجانب والاستهداف العمدي المتكئ على خطط خارجية مشبوهة لشباب وشابات المملكة من خلال إيقاعهم في المخدرات بأنواعها المختلفة، وإخضاعهم عبر هذا المخطط لرغبات تجار المخدرات، ومروجيها كان لقاؤنا في المديرية العامة للمكافحة مفزعا ومفرحا فهو مفزع بحجم ما اطلعنا عليه من معلومات رقمية تعبر عن حجم ما يتم ضبطه عبر المنافذ الحدودية ثم إن الأمر مفزع لأن التجار والمروجين لا يكلون ولا يملون ولا تتوقف مسيرتهم المتتابعة والإلحاقية فكلما تم ضبط إحدى الشحنات استبدلوها بغيرها، وكلما تم كشف عملائهم فإنهم يتركونهم لمصيرهم الأسود ويبحثون عن عملاء جدد وكلما تم التعرف على نمط وأسلوب التهريب كلما عمدوا إلى تغييره وكلما تم التعرف على غالبية الأدوات المستخدمة في التهريب كلما ابتكروا أدوات جديدة لا تخطر على البال، لكن المفرح هو أن مفتشينا وحراس أمننا يقفون لهؤلاء التجار والمهربين بالمرصاد يتابعونهم ويترصدونهم من المنشأ حتى المصب ومن المورد إلى المصدر ومن الخارج - كل الخارج - حتى الداخل.
إن رجال المكافحة يبتدرون ويقدمون الاشتباه والشك على حسن النية، ولهذا فإنهم يتولون ترصد كل الشاحنات والمركبات وكل البضائع التجارية القادمة للمملكة يفتشونها بدقة تمكنهم من السيطرة على معظم ما يتم تهريبه لكن - مع كل هذا الجهد اللافت والمشكور والمقدر للمديرية العامة لمكافحة المخدرات، إلا أن اتساع مساحة المملكة وحدودها البرية والبحرية إضافة إلى حجم الاستيراد الكبير للبضائع الواردة للمملكة هو ما يصعب السيطرة الكاملة على هذه الحملات، وهذا هو ما يدعو إلى تعزيز التوعية في الداخل بمخاطر المخدرات وفق أساليب علمية جديدة لا تركن إلى الأسلوب الوعظي والنهج التقليدي المباشر في التحذير بل يجب أن تدرس أنماط التوعية بما ينسجم مع عقليات الشباب والصغار منهم والذين تستهدفهم عصابات المخدرات لأنهم هم الزبائن المرجحون في هذا الاستهداف من منطلق الكسب المالي كهدف قريب، إضافة للهدف البعيد وهو السيطرة على أكبر قاعدة تمثل الشعب السعودي وهم فئة الشباب الذين يشكل هدف السيطرة عليهم وتخديرهم تعطيل للقوة الفاعلة في هذا الوطن بقدر يحقق على المدى الطويل تطلعات بعض جيراننا من ضعضعة دور المملكة الريادي والقيادي وإضعاف مكانتها في المحيط الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي.
يدفعني إلى هذا الكلام الأهمية البالغة للندوة الإقليمية الثانية والتي ينعقد لواؤها غدا الثلاثاء بحضور دولي وإقليمي عال بغرض تبادل المعلومات في كل ما يخص مواجهة التنظيمات الإجرامية الضالعة في جرائم المخدرات والأنشطة المتصلة بها ليكون ذلك حافزا لتقاسم الخبرات والتعرف على تدابير الدول المختلفة وتجاربها العلمية والعملية في هذا المجال لمواجهة المشكلة من مختلف مصادرها وجهاتها.
ليتنا ندرك حجم المشكلة وخطورتها لكي نتطوع جميعا في هذا الوطن لمواجهة هذا العدو المتربص بثروتنا الأولى: شباب وشابات الوطن.