أقر مجلس الوزراء ، في جلسته التي عقدها برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ ، اليوم السبت السادس عشر من شهر صفر 1434هـ الموافق للتاسع والعشرين من شهر ديسمبر 2012م ، في قصر الملك المفدى بمدينة الرياض ، الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1434/1435هـ .
وبدأت الجلسة بآيات من القرآن الكريم ثم أعلن خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - افتتاح جلسة مجلس الوزراء قائلاً :
"بسم الله الرحمن الرحيم .
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعلن بفضل الله تعالى افتتاح جلسة مجلس الوزراء لإعلان ميزانية هذا العام ، جعلها الله ميزانية الخير والبركة عامة للشعب السعودي وخيرها إن شاء الله للمسلمين وشكراً لكم ".
وقال وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية ، عقب الجلسة إن المجلس ، تدارس بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين ، في هذه الجلسة ، الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 1434/1435هـ ، وأقرها.
بعدها وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ـ أيده الله ـ كلمة ضافية ، لإخوانه وأبنائه المواطنين ، أعلن فيها الميزانية ، وفيما يلي نص الكلمة التي تشرف بإلقائها معالي الأمين العام لمجلس الوزراء الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السدحان:
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الأخوة المواطنون.
أبنائي وبناتي أبناء هذا الوطن:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعجز الكلمات أن تعبر عما في نفسي من مشاعر تجاهكم ومؤازرتكم لي خلال الفترة الماضية ، والتي استقيت العون فيها من الله - جل جلاله - توكلاً وعزماً وصبراً ، على ما قدره الله ، ثم بدعائكم ومحبتكم التي أخذت مكان الصدارة في قلبي ، فتجاوزت - ولله الحمد - بفضله ومنته الكثير من الصعاب ، فكنتم لي العون بعد الله - تبارك وتعالى - .
أيها الأخوة المواطنون :
اليوم وعلى بركة الله وبحمده ، وشكره ، وتوفيقه ، نعلن ميزانية العام المالي القادم ، والتي تبلغ مصروفاتها ثمانمائة وعشرين مليار ريال (820) وهي تمثل استمراراً للإنفاق على البرامج ، والمشاريع الداعمة لمسيرة التنمية والتطور ، لما فيه خدمة هذا الوطن ، وشعبه الأبي ، وذلك بتوفير مزيد من فرص العمل للمواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم ، مؤكدين حرصنا على استثمار الموارد التي منّ الله بها على بلادنا لتكون في موضعها الطبيعي ، خدمة لكم ، ولمتطلبات عيشكم ، وهو حق وأمانة في عنقي تجاهكم ، أسأل الله أن يعييني على حملها والحفاظ عليها.
لقد تضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ، واستمراراً واستكمالاً لمشاريع قائمة ، في كافة قطاعات التنمية البشرية ، والبنية الأساسية ، والخدمات الاجتماعية بمبلغ مائتين وخمسة وثمانين مليار ريال.
إن التنمية البشرية والاستثمار في الإنسان هو الأساس والضرورة للتنمية الشاملة ، وكذلك فقد تم اعتماد ما يزيد على مائتين وأربعة مليارات ريال لقطاع التعليم العام والعالي ، وتدريب القوى العاملة ، ولتحسين البيئة التعليمية وتطويرها ، لتتماشى مع مخرجات العصر ، من خلال إنشاء مدارس جديدة ومراكز تدريب وتجهيزها ، واستكمال المدن الجامعية للجامعات القائمة ، بافتتاح كليات تخصصية جديدة.
ولما ما للخدمات الصحية والأعمال الاجتماعية ، من أهمية تمس كافة شرائح المجتمع ، فقد تم اعتماد نحو مائة مليار ريال ، لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الصحة الأولية ، وإنشاء تسعة عشر مستشفى جديداً ، وخمس مدن طبية في كافة مناطق المملكة ، بدون استثناء ، وكذلك إنشاء أندية ومدن رياضية ، ودور للرعاية والملاحظة الاجتماعية والتأهيل ، ودعم برامج الضمان الاجتماعي ، وقد تم اعتماد حوالي ستة وثلاثين مليار ريال لقطاع الخدمات البلدية ، وخمسة وستين مليار ريال لقطاع النقل والمواصلات والتجهيزات الأساسية ، وأكثر من سبعة وخمسين مليار ريال لقطاعات المياه والصناعة والتجارة والموارد الاقتصادية.
كما تتضمن الميزانية اعتمادات لمواصلة العمل في تطوير أجهزة القضاء بشمولها وتنفيذ الخطة الوطنية للعلوم والتقنية ، و " الخطة الوطنية للاتصالات التقنية وتقنية المعلومات" ، كما ستواصل صناديق وبنوك التنمية المتخصصة تقديم القروض في المجالات المختلقة دعماً للتنمية ، وتحفيزاً للتمويل التجاري.
مؤكدين أن هذه الميزانية كسابقاتها تقوم على التوازن بين المناطق تنمية وتطويراً ، مؤكدين على المسؤولين بالاستمرار والحرص على الإصلاح المالي والاقتصادي.
أبنائي وبناتي شعبنا الكريم :
إن الأمل بكم - بعد الله - ، ولذلك أطلب منكم جميعاً التعاون ، وبذل كل جهد ممكن لمشاركة الدولة فيما ذكرنا أعلاه ، آخذين بعين الاعتبار مصالح الوطن والمواطنين.
أيها الإخوة والأخوات الكرام:
إن الواجب والأمانة الملقاة على عاتقنا خلال السنوات الماضية جعلتنا ننظر إلى المستقبل ونستشرفه لنوازن بين احتياجات الجيل الحالي ، والأجيال المقبلة ، والذين هم أمانة في أعناقنا ، وذلك بالاستخدام الرشيد للموارد ويجاريه ويسير بمحاذاته تأمين احتياطي كبير خلال السنوات الماضية ، فلا ننسى جميعاً ، أن المملكة العربية السعودية كانت قبل عشر سنوات كما تذكرون مدينة بأكثر من ستمائة وخمسة وثمانين مليار ريال وكانت هذه الديون عبئاً على الدولة في تأخير أي تطلعات لنا في بناء البنية التحتية وتطويرها ، لذلك وضعت نصب عيني هذه المديونية الضخمة ، والتي استطعنا - بفضل الله - أن نتعامل معها ، وبدأنا منذ سنوات قليلة بتأمين وتوفير احتياطي يستثمر استثماراً صحيحاً وحذراً.
أيها الوزراء والمسؤولون كل في قطاعه :
أقول لا عذر لكم بعد اليوم في تقصير أو تهاون أو إهمال ، واعلموا بأنكم مسؤولون أمام الله - جل جلاله - ثم أمامنا عن أي تقصير يضر باستراتيجية الدولة التي أشرنا إليها ، وعلى كل وزير ومسؤول أن يظهر من خلال الإعلام ليشرح ما يخص قطاعه بشكل مفصل ودقيق.
هذا وأسأل الله تعالى التوفيق للجميع .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عقب ذلك ، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، أصحاب السمو والمعالي الوزراء ، بالعمل بجد وإخلاص ، لتنفيذ بنود هذه الميزانية على الوجه الأكمل الذي يحقق راحة ورفاهية المواطنين في كل مجالات الحياة .
وبين وزير الثقافة والإعلام ، أن وزير المالية وبتوجيه كريم من الملك المفدى ، قدم عرضاً موجزاً لمشروع الميزانية الجديدة للدولة ، وتطرق إلى الأوضاع الاقتصادية العالمية ، وتطوراتها وتطورات الاقتصاد الوطني ، والنتائج المالية للعام الحالي 1433/1434هـ والملامح الرئيسة للميزانية الجديدة حيث جاء فيه :
بناءً على التوجيهات السامية الكريمة ولأهمية تعزيز مسيرة التنمية وتشجيع البيئة الاستثمارية التي من شأنها إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين بمشيئة الله ودفع عجلة النمو الاقتصادي ، استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1434 / 1435هـ على المشاريع التنموية لقطاعات التعليم ، والصحة ، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية ، والمياه والصرف الصحي ، والطرق ، والتعاملات الإلكترونية ، ودعم البحث العلمي.
وأوضح معاليه أن الميزانية تضمنت برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو (000ر000ر000ر285) مئتين وخمسة وثمانين مليار ريال. ووفقاً لما جرى العمل عليه فقد تم التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن البرامج والمشاريع المدرجة في خطة التنمية التاسعة التي بدأت في العام المالي 1431 / 1432هـ.
وقال إنه من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 1433/1434 (2012م) وفقاً لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات (000ر000ر400ر727ر2) ألفين وسبع مئة وسبعة وعشرين ملياراً وأربع مئة مليون ريال بالأسعار الجارية بزيادة نسبتها ( 6ر8 ) بالمئة عن المتحقق بالعام المالي الماضي 1432/1433هـ ( 2011م ). أما الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بشقيه الحكومي والخاص فيتوقع أن يحقق نمواً نسبته (2ر11) بالمئة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة ( 6ر10 ) بالمئة والقطاع الخاص بنسبة ( 5ر11 ) بالمئة بالأسعار الجارية.
وأضاف معاليه أنه بالأسعار الثابتة لهذا العام فيتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نمواً تبلغ نسبته (8ر6) بالمئة، إذ يتوقع أن يشهد القطاع البترولي نمواً نسبته (5ر5) بالمئة، وأن يبلغ نمو الناتج المحلي للقطاع غير البترولي (2ر7) بالمئة حيث يتوقع أن ينمو القطاع الحكومي بنسبة (3ر6) بالمئة والقطاع الخاص بنسبة (5ر7) بالمئة وبذلك تصل مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى (58) بالمئة. وقد حققت جميع الأنشطة الاقتصادية المكونة للناتج المحلي للقطاع غير البترولي نمواً إيجابياً إذ يقدر أن يصل النمو الحقيقي في الصناعات التحويلية غير البترولية إلى (3ر8) بالمئة، وفي نشاط الاتصالات والنقل والتخزين (7ر10) بالمئة، وفي نشاط الكهرباء والغاز والماء (3ر7) بالمئة، وفي نشاط التشييد والبناء (3ر10) بالمئة، وفي نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق (3ر8) بالمئة، وفي نشاط خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال (4ر4) بالمئة.
وأفاد معاليه أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة وهو أهم مؤشرات المستوى العام للأسعار أظهر ارتفاعاً خلال عام 1433/1434هـ (2012م) نسبته (9ر2) بالمئة عمّا كان عليه في عام 1432/1433هـ (2011م) طبقاً للمهنجية وسلة السلع والخدمات الجديدة وسنة الأساس (2007)، بينما يمثل التغير قياساً بالمنهجية القديمة وسنة الأساس (1999م) ما نسبته (5ر4) بالمئة لنفس الفترة، أما معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير البترولي الذي يعد من أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس التضخم على مستوى الاقتصاد ككل فمن المتوقع أن يشهد ارتفاعاً نسبته (8ر3) بالمئة في عام 1433/1434 (2012م) مقارنة بما كان عليه في العام الماضي وذلك وفقاً لتقديرات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات.
وبين معالي وزير المالية أنه يتوقع أن ينخفض حجم الدين العام بنهاية العام المالي الحالي 1433 / 1434 (2012م) إلى ( 000ر000ر848ر98 ) ثمانية وتسعين ملياراً وثمان مئة وثمانية وأربعين مليون ريال ويمثل ( 6ر3 ) بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لعام 1433 / 1434 ( 2012م ) مقارنة بمبلغ (000ر000ر500ر135) مئة وخمسة وثلاثين ملياراً وخمس مئة مليون ريال بنهاية العام المالي الماضي 1432 / 1433هـ ( 2011م ).
وأشار معالي وزير المالية إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي لعام 2012م أثنى على السياسات الاقتصادية للمملكة المتمثلة في استخدام إيراداتها النفطية المرتفعة لتعجيل التقدم نحو إحراز أهداف التنمية المحلية، ورحب المديرون التنفيذيون بالصندوق بما تبذله المملكة من جهود لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط . كما أثنوا على جهود الحكومة لتعزيز الرقابة المالية وإدارة المخاطر ورحبوا بالتحسينات المدخلة على نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتابع معاليه يقول إن تقريراً لمجموعة العشرين أظهر أن المملكة جاءت في المرتبة الأولى بين أعضاء المجموعة في تنفيذ التزامات مجموعة العشرين والمتمثلة في الإصلاحات الهيكلية والانضباط المالي وإصلاح المؤسسات المالية وتنظيم الأسواق المالية ومقاومة سياسة الحماية التجارية والتقدم المحرز في تنفيذ جدول أعمال التنمية، كما أعلنت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني محافظة المملكة على تصنيفها الائتماني السيادي المرتفع ( AA- ) مع نظرة مستقبلية مستقرة، ويأتي هذا الإعلان تأكيداً لمتانة اقتصاد المملكة وقوة مركزها المالي عالمياً.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ حمد الله سبحانه وأثنى عليه ، على ما أنعم به على هذه البلاد ، من نعم لا تعد ولا تحصى وما شملته هذه الميزانية من أرقام هي في مجملها تحمل كل الخير لهذه البلاد وشعبها .
وحث ـ حفظه الله ـ الجميع ، على شكر الله جل وعلا ، على ما أفاء به على هذه البلاد ، وخصها به من النعم ، ووجه رعاه الله كل مسؤول ، أن يراعي الله في كل وقت ومكان ، ويعمل على خدمة دينه ووطنه ، مستشعراً عظم الأمانة التي يحملها.