هناك وهج لدى الناس في الغرب لعارضات الأزياء، ولأن العالم الثالث عشر اعتاد التقليد فقد انتقل "الوهج" إليه، وصار يهتم بهنّ ويجزل لهن العطايا، ويستقبلهن استقبال الزعماء والأساطير.. ولكن الغريب الذي يثير التساؤل إن صحت الحكاية أن يترك زعيم دولة فقيرة شعبه جائعاً ويسخى بماسات لا تقدر بثمن من أجل عيني عارضة أزياء! إذ أفادت الأنباء أن عارضة الأزياء البريطانية نعومي كامبل التي أنهت العقد الرابع من عمرها، حلفت اليمين وأدلت بشهادتها أثناء محاكمة الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور الخميس الماضي في لاهاي حيث يحاكم بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأكدت كامبل حصولها على مجموعة من أحجار الماس الخام عندما كانت في جنوب إفريقيا عام 1997 ولكنْ لا يمكنها الجزم ما إذا كان تايلور هو الذي أرسل بهذه "الأحجار التي كانت تبدو متسخة" إلى غرفتها.
ولأن كامبل كانت متعبة جدا كما قالت للمدعية العامة، لم تسأل مَن أحضر الهدية عمّن أتحفها بها.. ولم يدفعها الفضول لفتح الهدية الفاخرة ومعرفة محتواها ورؤية "ماساتها المتسخة" إلا في اليوم التالي.
غير بعيد عن ماسات نعومي وورطة الرئيس تايلور، يروى أن رئيس دولةٍ ما قد تكون عربية، في قارةٍ ما ربما كانت آسيا، استقبل عارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر - الأربعينية حاليا - في قصره الرئاسي عندما زارت بلاده في فترة مقاربة لفترة "ماسات" نعومي.. والمحزن أن مسؤولي المراسم لدى الرئيس ذاته لم يخطر ببالهم تنظيم استقبال لمبدعين وأدباء كبار زاروا البلد واستقر بعضهم بها فترة طويلة، ومنهم صاحب "الجدارية" الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.. ولكن لزيارة كلوديا الشهيرة شكل مختلف عن زيارة شاعر عاش عمره مهجّراً.
للعارضات نجوميتهن الطاغية وسحرهنّ الجذاب وقوامهن الممشوق وإطلالتهن البهية.. وعبر كل ذلك يصبح اللقاء بأي منهن خبراً فنيا واجتماعياً عالمياً له الصدارة في وكالات الأنباء.. أما اللقاء مع شاعر حتى وإن ترجمت قصائده لكثير من اللغات الأخرى، فلن يكون أكثر من لقاء عابر لا يستحق إلا أن يكون خبراً محلياً.