تكلم الملك من دون تكلف، ببساطة ومباشرة.
كلمات عبدالله بن عبدالعزيز.. لم تُعدّ له خطبة رنانة أو سجع مفرط، بل تحدث على سجيته، وهذا سره وسر حب الناس له..
لم يقاطع كلماته تصفيق الحاضرين، أو تمجيده بهتافات أو شعارات، بل كان دعاء المفتي وتذكيره، وولي عهد يجلس موقراً مكانة العالم..
يبدي الملك ملاحظاته على الأحكام على المحرضين على العنف والمغررين بالشباب ويتمنى تغليظها.. وفي هذا إشارات عدة؛ أنصعها أنه لا تدخل في أحكام القضاء، فمن يتمنى ليس كاتبا أو وزيرا، بل الملك.. قضاء مستقل حاولت أطراف كثيرة هدمه.. صحيح أن هناك ملاحظات إجرائية عليه.. وصحيح أنه يحتاج إلى تسريع معاملاته وتدرجاته، لكنه حصن للحق في هذا الوطن.. أما من يحاول أن يحشر القضاء في زاوية: "إن حكم لي فهو عادل، وإن حكم ضدي فهو منحاز"، فهم بعلمهم أو من دونه يطبقون أولى خطوات خلخلة الدولة؛ فالتشكيك في القضاء ـ خصوصاً في وسائل التواصل ـ يهز ثقة الناس به ويضع ضغطا على القاضي، فإن حكم بما يريدون غردوا بأنه نزيه وشريف، وإن حكم بغيره "هشتقوا" بأنها أحكام مضحكة وقاض ظلامي.. يريدون العبث بالمجتمع وانزلاقنا إلى الفوضى ثم البراءة ولا شيء غيرها..
سؤال غير بريء: ما القضاء الذي يثقون به في العالم؟ وإن طبق فسيقولون: يحكمون بغير ما أنزل الله..
هذه دولة التوحيد التي وقف فيها مؤسسها عبدالعزيز بن عبدالرحمن علي باب القاضي الجليل سعد بن عتيق، والتي يخاطب ملكها عبدالله مفتيها بـ"سم" ويا "طويل العمر"..
صحيح أن هناك قصورا في بعض الجوانب، ولكنها شامخة يغلب عليها الخير والحق.. ثابتة في وجه المحن.. وعماد استقرارها الدين ولا شيء غيره.. خادم الحرمين يتحدث، ولم نسمع أحدا في المجلس يقف قائلا له: الله أنت زعيم الأمة الإسلامية.. بل قرآن يتلى وعالم يذكّر.. وملك يتوكأ دائما على عصاه.. شعبه.. الذي لم ولن يخذله أبدا.