يستطيع من لم يقرأ تاريخ مصر الحديث، أن يحدد بدقة أسباب وأزمنة المنعطفات التاريخية التي مرت بها مصر منذ عهد الملك فاروق، حتى ثورة 25 يناير؛ وذلك اعتمادا على السينما المصرية التي كتبت بالضوء تاريخ بلادها، بل وصورت الحدث الواحد من أكثر من زاوية، وما الأفلام التي تصور العبور وحرب 73 إلا نماذج للتناول المختلف والمتفق في آن واحد.

ومنذ اندلاع ثورة 25 يناير، صارت الثورة الشعبية الجديدة مادة دسمة لصناع السينما المصرية، ومحط أنظار متابعيها، لكن الظروف السياسية القلقة، والأوضاع الاقتصادية المتردية، حالتا دون إنتاج أفلام بحجم الحدث، أو قريبة منه.

"حظ سعيد"، هو أحد أفلام 25 يناير، وهو للمخرج طارق عبدالمعطي، ويلعب دور البطولة فيه الفنان أحمد عيد "سعيد"، ومي كساب "سماح"، وتدور أحداثه قبيل وأثناء وبعد الثورة، حيث يسعى الكادح سعيد إلى إتمام زواجه من سماح، ويعاني من ظلم "أقسام البوليس"، وتجنيها عليه، ثم يقف الفساد في طريق حصوله على شقة ضمن مشروعات المحافظة، وفي أثناء ذلك تندلع الثورة التي لم يكن سعيد يعيها، ليبدأ في محاولات إنقاذ شقيقته من الانضمام إلى صفوف الثوار، إلا أنه – دون وعي منه – يجد نفسه ضمنهم، فيحاول أن يكون "براجماتيا"؛ ينضم إلى "الإخوان" تارة، وإلى مؤيدي الرئيس السابق أخرى، لتتصل الأحداث حتى محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه، ثم ينتقل الزمن فجأة إلى شيخوخة سعيد، حيث ما زالت جلسات المحاكمة تؤجل، بعد أن أنجب أولادا ثلاثة: ليبرالي، وسلفي، وإخواني.

الفيلم ليس خارقا من الناحية القصصية أو الفنية، كما أنه فشل في استشراف مآل الأحوال بعد الثورة، لكنه يمتاز بتركيزه على معاناة المواطن البسيط مما يدور حوله من مطاحنات سياسية، وتجاذبات فكرية ليست من شأنه، ولا مما يهبه "لقمة العيش".

"حظ سعيد" كان كحظه، وحظ المواطن المصري الكادح الذي لم ينل من الثورة سوى تكريس التقسيم المجتمعي، وزيادة أسباب التكتلات، وغموض المستقبل.