.. وهناك، بعيدا عن كل اللغط المنثور دائما في مساحات هذا العمود، والضجر المستمر من أخطاء المسؤولين، وملاحقة الأرقام، وتفنيدها، وشرح الواقع في سطور موجعة، حيث يقبع التفاؤل بروحه الجميلة، والإنجاز بلغة التفوق.. عندما يلتقي "صالح"، الأب الروحي لكثير من الطلاب المسلمين المغتربين، والمستشار الخاص لهم في شؤونهم الخاصة، وإمامهم الدائم.. بالجميلة "جاكي"، زميلته في الدراسة، والتي زج بها القدر لتسكن الكرسي الملاصق له، وتفتش في كراسته بعد أن قادها الاحتياج لذلك، وتقتحم ما بين السطور، وتتطفل على كلماته العربية، والتي دفعتها لأن تبدأ معه نقاشا عن الإسلام، متخذة من السؤال الجدلي الدائم قاعدة لها.. هل أنتم تتزوجون أربع نساء؟! ينطلق بعدها محاولا الشرح والإسهاب، والدخول في أنفاق التفاصيل.. حتى يصل به الحب لنقطة الاستسلام!.. يفقد صالح توازنه، بعد أن شعر بالميل الكلي نحو تلك الفاتنة.. وبعدها يبدأ رحلة الصراع الداخلي بين المشاعر والأفكار من زاوية، ونظرة مجتمعه - أولئك الطلبة - من الجهة الأخرى!
كل ما سبق، وغيره كثير، هي أحداث مدسوسة في فيلم "When Jackie Met Saleh"، والذي فاز بجائزة الاستحقاق في مهرجان الأفلام المستقلة في كاليفورنيا، كما عرض في مهرجان الخليج للأفلام في دبي، وكان مشروعا للتخرج لنيل شهادة الدبلوم، لمخرجه الـ(سعودي) محمد عبيدالله، الذي درس إنتاج الأفلام في كندا، وأنتج وأخرج ثمانية أفلام قصيرة، إضافة لمشاركته في عدد من الأفلام الأجنبية!
هذا الإنجاز، وجد طريقه إلى هذه الزاوية، وقدّم للعلن، حتى وإن كان يستحق أكثر من ذلك.. لكن الكثير من الأعمال غائبة، وضاعت في أدراج عدم الاهتمام.. ما أريد قوله، هو أن ثورة صناعة الأفلام، بكل ما تحتوي من مهن في ماهيتها، لم تعد في قبضة "الهواة"، وإنما تدار بأيد وطنية محترفة، استطاعت أن توقع حضورا في "كرنفالات" الحضور الدولي، قبل أن "تحارب" في الوسط الداخلي، وترمينا في وجه مدفع الاستفهام: ألم يحن الوقت لافتتاح دور للسينما..؟! والسلام.