أجلت المحكمة العامة بحوطة بني تميم النطق في الحكم في مقتل الطفلة المعنفة لمى على يد والدها وزوجته بعد أن طالب محامي المدعية/ والدتها، بإنزال عقوبة القتل بوالدها تعزيرا وزوجته حدا وذلك لتوافر القرائن التي تثبت تورطهما في تعنيفها حتى الموت.

كان من المفترض أن تكون جلسة النطق بالحكم في الثالث من أبريل أي قبل ثلاثة أسابيع من تاريخ اليوم وما زلنا ننتظر حتى بعد مضي سبعة أشهر على مقتلها، قضت لمى أربعة منها في ثلاجة الموتى. ما زلنا ننتظر خاصة وأن وقت التأجيل تزامن مع النطق بالحكم في قضية مقتل الطفلة تالا بالقتل قصاصا من الخادمة الإندونيسية بعد سبعة أشهر من المداولات في ردهات القضاء.

ما زلنا ننتظر النطق بالحكم وأمور أخرى لم نجد لها إجابة ولا ردا حتى الآن وكلها تدور في فلك التعنيف وضحاياه.

ما زلنا ننتظر رد هيئة التحقيق والادعاء العام بخصوص الحق العام في مقتل لمى والذي لا ذكر له البتة في كافة التصاريح الخاصة بقضيتها، فهل أُسقط الحق العام وأصبح الجدال في الحق الخاص بوالدتها فقط؟ أم هل لم تتم المطالبة به بدءا من قبل الادعاء العام؟

ما زلنا ننتظر من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تصرح بما حصل لإخوة لمى غير الأشقاء، هل تكرمت الوزارة بزيارتهم والوقوف على أحوالهم وهم ضحايا تعنيف أيضا؟ فهؤلاء يعيشون تحت سقف واحد مع قتلة، وإن كانوا "والديهم"، فكما أن لمى ماتت نتيجة تعنيف فهم أحرص الآن على إخفائه وكتمانه عن الأعين والأسماع.

ما زلنا ننتظر، من قبل لمى وبعدها، رد الادعاء العام الذي لم يرفع دعوى ضد الشؤون الاجتماعية في قضية معنفي عفيف، لنعيد السؤال مجددا، كيف سقطت الوزارة من قائمة الادعاء؟

ما زلنا ننتظر وزارة الشؤون الاجتماعية صاحبة الوعود المتراكمة، فهي لم تنشر التقرير المشترك بينها وبين حقوق الإنسان عن معنفي عفيف، واكتفت بالترحيب بالحكم في الحق الخاص، ليتم تعنيف آخر في مكة المكرمة ويقتل آخر دهسا في الخرج لتتشكل لجنة، مجددا، ويتم اختزالها جنائيا ويصمت المدعي العام.

ما زلنا ننتظر وزارة الشؤون الاجتماعية في حقبتها الجديدة، ما بعد كاميرات المراقبة، والتي على ما يبدو أنها تستخدم كدليل لإدانة العاملين وتسهيل إجراءات الحق الخاص، متناسية أن الهدف الأساسي هو المراقبة والوقاية من التعنيف.

ما نزال ننتظر إنهاء معاناة التعنيف في المملكة بإقرار قانون وتفعيله، وهو أمر يصعب تفسير تأخر إقراره فهؤلاء وإن تم تعنيفهم فهم مواطنون ومن حقهم توفير الحماية ووسائلها أيا كانت أعمارهم أو أجناسهم أو قدراتهم العقلية والجسدية. تأخر إقرار قانون التعنيف يعكس ثقافة القائمين على إقراره بأنهم وذويهم بمعزل عن التعنيف في تعزيز لصورة نمطية رجعية تنقضها حالات التعنيف المتكررة من الطبقات العلمية والاجتماعية كافة في غرف الطوارئ ومراكز الشرطة ووسائل الإعلام.

ما زلنا ننتظر وكل منا شاهد على شتى أنواع التعنيف ابتداء باللفظي وانتهاء بالقتل، وفي كل مرة تقوم قائمة وسائل الإعلام لتخفت بتصريح مسؤول يتوعد بإعادة حقوق غالبا ما تضيع.

طال الانتظار ومع كل يوم يمر هناك من يعاني بصمت إما تعنيفا أو من مؤسسات حكومية تنتقص من مواطنته وحقوقه ببيروقراطية مميتة لا لشيء سوى أنه أو أحد ذويه ضحية تعنيف، ليطفو على السطح سؤال متجدد: ما عساي فاعل لأحصل على حقوقي؟