كأخبار الطقس والمناخ، تطل علينا كل يوم تقريبا أخبار السطو المسلح على المحال التجارية والمطاعم والصيدليات، لتستأثر مؤخرا بمساحات الأخبار الأخرى بل وتتفوق عليها لامتيازها بمقاطع "فيديو" ترصد الحدث من كاميرات عديدة وزوايا مختلفة، تبدأ بلحظة توقف سيارة الجناة للمكان الهدف، وحتى تلك اللقطة التي يصيح فيها مشاهد المقطع "هذي في السعودية أكيد"؟! ثم يدعو بينه وبين نفسه بأن "اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي"!

وللمعنيين بالأمر وحتى يتأكدوا بأن هذا الحدث المتكرر يسير بسرعة كبيرة لأن يصبح ظاهرة؛ فإن أمامهم طريقين للتحقق من ذلك، فطريقة أولى تقضي بتعقب كلمة "سطو مسلح ـ السعودية" على مواقع البحث الإلكتروني، ويُنصح لمستخدمي هذه الطريقة بألا يقوموا بها إلا حين يملكون فسحة من الوقت تمتد لساعات الصباح! أما الطريقة الأسهل فهي زيارة أقرب صيدلية ممكنة وسؤال الصيدلي هناك عن قصص مماثلة، وهنا يجب أن يكونوا مستعدين للاستماع لروايات مثيرة من أجزاء عدة بسيناريوهات مختلفة!

دلالات ومؤشرات هذه المقاطع هي أكثر من أن يحملها مقال، لكن الأكيد أن كل مؤشر بحد ذاته بحاجة لبحث مستقل لعلاجه من الجذور ابتداء من جرأة الاقتحام وترويع الآمنين، إلى نوعية الأسلحة المستخدمة وكيفية الحصول عليها وليس انتهاء بسقوط حاجز الخوف داخلهم من الملاحقة والمساءلة وتطبيق العقوبة!

النسخة الأحدث لمقاطع "فيديو" السطو المسلح هذه بدأت أحداثها باقتحام ثلاثة أشخاص لسوق مركزي، وفيما ذهب أولهم لقسم المياه والعصائر، فقد تفرغ الثاني لأخذ جولة استطلاعية تفقدية حول المحاسب، أما ثالث أفراد العصابة فقد وقف أسفل إحدى كاميرات المراقبة ليشير بأصابعه ولسانه بإشارات لا يفهم منها سوى التحدي وعدم المبالاة بطقم الكاميرات المثبت هناك، وهو الأمر الذي يجعلنا نضيف "المخدرات" و"المسكرات" لجملة الأسباب دون تحفظ!

المؤسف حقا أن عدد حوادث السطو المسلح المتكررة تتناسب عكسيا مع الحالات التي تم القبض فيها على الجناة، وهذا يقودنا لمؤشر جديد حول كفاية الأجهزة الأمنية ومدى استجابتها للحالات المشابهة، فحالة قبض واحدة مع عقوبة زاجرة كافية جدا لعدم ظهور مقاطع مصورة جديدة من هذا النوع!