"أخرج المرأة من المجتمع تنتهي كل مشاكلنا"! هذه مقولة أثيرية للكاتب أحمد العرفج، وحين تتأملها تجدها حقيقة ماثلة. أكبر مشكلاتنا وقضايانا تتمحور حول المرأة، حتى أصبح هذا الوضع أزليا تاريخيا، فمن قيادة السيارة في التسعينات إلى البطاقة الشخصية إلى محلات "اللانجري"، مرورا بجوال أبو كاميرا ودبابات الثمامة والجنادرية وغيرها وغيرها.

وبما أننا لا نستطيع أن نخرج المرأة من حياتنا؛ فلا بد أن نتعامل مع الوضع بما يقتضيه، فكل شيء يتغير إلا عقليات الذين ما زالوا يعتقدون أننا شعب "الخصوصية" و"الاختلاف"، وكأنهم لا يعرفون أن المرأة حين تضطر للتعامل مع الشارع لا تجد إلا الذكور، وحين ترغب في شراء احتياجاتها من الصيدلية أو محل الملابس تجد نفسها محاصرة بالرجال، وحين تنوي مراجعة دائرة لتخليص معاملة لا بد أن تخترق صفوف من ينظرون لها على أنها "حرمة".

المعارضون لعمل المرأة في المحلات التجارية والأسواق وخروجها للاندماج مع المجتمع، لم يفكروا بتلك التي تجلس في البيت وقد أعياها الفراغ والانتظار، ولا تلك التي لا تجد قوت يومها وما تعيل به نفسها وأبناءها، بل إنهم لم يفكروا بنسائهم المقتدرات اللائي يخرجن مع السائق ويجدن أنفسهن وسط الرجال "عنوة"، وكأنهم يقولون "لا سبيل للمرأة إلا الرجل، ولكن بدون اختلاط".

هذه الفكرة لم يعد لها مكان بيننا، والصورة بدأت تتغير حاليا مع تنامي الوعي في المجتمع، واليوم أصبحت المرأة موجودة وتشارك بفعالية في الحياة اليومية، ولو كان ذلك بشكل خجول ومضطرب، وبإمكان المرأة التعامل مع شقيقتها المرأة في بعض المواقع، بما يشكل عودة "قسرية" لطبيعة الحياة البشرية في عالم القرن الـ21.

وحتى في القطاعات الأمنية، نحتاج وجود المرأة أكثر من أي مكان آخر، فهي لا تحضر إلا في السجون وعند تفتيش الجوازات في المطار، والواقع يؤكد أننا بحاجة إلى امرأة في الشرطة والمرور وهيئة التحقيق، وقد قامت مؤخرا إدارة مكافحة المخدرات بتدريب 100 جندية سعودية للتعامل مع قضايا المخدارت ومداهمة المنازل، في بادرة جيدة كمؤشر على أن المرأة جزء من نسيج المجتمع وحراكه اليومي، ولا يمكن نزعها منه كما قال العرفج.