وجهت هيئة حقوق الإنسان بالمملكة، سيلا من الانتقادات لمكاتب العمل والهيئة العليا لتسوية الخلافات العمالية والهيئة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية، وذلك بعد أن رصدت تجاوزات عدة، أبرزها تتمثل في تأخر الدعاوى لفترات طويلة لدى مكاتب الصلح، ومخالفة نظام المرافعات الذي يعد مكملا لنظام العمل، إضافة إلى تدافع اختصاص في مسائل عدة مثل إلغاء بلاغ الهروب بين مكتب العمل والجوازات وإمارة المنطقة.

وكشف تقرير لزيارات أجرتها الهيئة بفرعيها الرجالي والنسائي لمكاتب وهيئات العمل بمنطقة مكة المكرمة، خلال العام الماضي، بهدف التأكد من تنفيذها للأنظمة واللوائح السارية فيما يتعلق بحقوق الإنسان والكشف عن التجاوزات المخالفة للأنظمة المعمول بها في المملكة والتي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، أن المواطن السعودي قد تتأخر دعواه إلى أكثر من 3 سنوات، مما يتسبب في جعل المواطن بلا عمل ولا دخل ثابتا يعول به نفسه وأسرته.

وبحسب تقرير الزيارات الذي حصلت "الوطن" على نسخة منه، فقد رصد الفريق طول بقاء الدعوى لدى مكاتب الصلح بمكتب العمل لمدة تصل في بعض الأحيان إلى 7 أشهر دون جدوى مما يلحق الضرر بالعامل، وفي حال تغيب الكفيل وتخفيه عن الأنظار لا تقبل دعوى العامل، في حين أنه ليس هناك نص في نظام العمل بهذا الشأن، والثابت أن نظام المرافعات الشرعية هو مكمل لنظام العمل، وقد أشار نظام المرافعات الشرعية في المادة 18 الفقرة الثالثة إلى الإعلان في الجريدة الرسمية في حال عدم معرفة مكان المدعى عليه بمعنى أن تسمع الدعوى غيابيا.

وأضاف التقرير أن مكاتب استقدام العمالة لا تفي في الغالب بالشروط التي يشترطها المستقدم في الخادمة المستقدمة، ويعود عليه بالضرر في ظل تأخر مكاتب العمل في البت في مثل هذه الشكاوى ضد مكاتب الاستقدام، مما يترتب عليه انتهاء فترة التجربة مما يضعف موقف المستقدم ويهدر حقه، كما أن الكفيل يحضر عدة جلسات ثم يتغيب في جلسة النطق بالحكم في الهيئة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية، ويبدأ بالتخفي عن الأنظار مما يضر بالعامل ويجعل قرار الهيئة بلا قيمة في ظل عدم وجود معالجة من قبل مكتب العمل والهيئة الابتدائية، وعدم نظر دعاوى العمال المطالبة بنقل الكفالة أو حتى محاولة تسوية الخلافات بمكاتب الصلح.

وانتقد التقرير قبول مكتب العمل بلاغ الهروب مع وجود دعوى على الكفيل بالمطالبة بأجر العامل، قد تكون منظورة لدى المحكمة الجزئية أو العامة، إضافة إلى تدافع اختصاص في مسألة إلغاء بلاغ الهروب بين مكتب العمل والجوازات وإمارة المنطقة، إذ لا يجد الوافد أو كفيله في حال موافقته على إلغاء بلاغ الهروب جهة تقبل اتخاذ الإجراء.

وذكر التقرير، أنه فيما يتعلق بالمواطن السعودي فإن التحاقه بالعمل في منشأه أخرى في حال وجود دعوى بينه وبين صاحب العمل أمر صعب، حيث يطلب منه خطاب إخلاء طرف في حال تقدمه للالتحاق بجهة أخرى كما أنه خلال نظر الدعوى التي قد تستمر إلى سنتين أو أكثر يعقبها فترة استثناء، فتصبح المدة الإجمالية لنظر الدعوى وصدور قرار نهائي بها ربما تصل إلى ثلاث سنوات أو أكثر والمواطن بلا عمل ولا دخل ثابتا يعول به نفسه وأسرته.

وأضاف التقرير أن مما يزيد من معاناة العامل صعوبة التنفيذ وطول أمده في حال صدور الحكم لصالحه، الأمر الذي يقترح معه فرع الهيئة معاملة مثل هذه الحالات معاملة من كفت يده عن العمل حال ارتكابه جريمة جنائية، بحيث يأخذ العامل نصف الراتب أثناء كف يده عن العمل، وقد نصت المادة 97 من نظام العمل ضمن باب أولى أن يأخذ العامل نصف راتبه حال وجود دعوى بينه وبين كفيله حال وجود خلاف بينهما، وهذا سيقضي على مماطلة الكفيل وصاحب العمل في الحضور لمكتب العمل وإنهاء الدعوى.

وأشار التقرير، إلى تأخر مكتب العمل في إحالة الدعاوى للهيئة الابتدائية رغم ثبوت مماطلة الكفيل، إذ قد تستغرق إحالة القضية ثلاثة أشهر أو أكثر ويظل العامل في هذه الفترة دون تصريح عمل مما يحرمه من العلاج والكسب ويعرضه للإيقاف، وفي حال نقل الكفالة من خلال برنامج نطاقات حال كون الكفيل في النطاق الأحمر فإن مكتب العمل يشترط على العامل إحضار جواز سفره الذي يحتفظ به كفيله وغالبا ما يمتنع الكفيل عن تسليمه جواز سفره.

وفيما يتعلق بالهيئة العليا لتسوية الخلافات العمالية، بين التقرير أن تباعد الجلسات والتأخير في إنهاء القضايا بسبب قلة أعضاء الهيئة العليا، كما أنه بصدور القرار فإن طباعته تستغرق مدة تصل إلى 6 أشهر بسبب قلة أعداد الموظفين الأعضاء، مما يلحق الضرر بالعامل وهذا مخالف للمادة 63 من لائحة المرافعات وإجراءات المصالحة والتحكيم أمام اللجنة الابتدائية والعليا، والتي تضمنت على أن موعد نظر القضية المستأنفة لابد أن يكون خلال 15 يوما، وعلى اللجنة أن تصدر قرارها خلال موعد لا يتجاوز 30 يوما، كما أن المادة 221 من نظام العمل تنص على أن (تنظر الدعاوى المترتبة على أحكام هذا النظام على وجه الاستعجال)، وقد تستغرق نظر القضية في الهيئة العليا والابتدائية مدة تصل إلى 7 سنوات ومن ثم يكون الحكم بعدم الاختصاص، على الرغم من أن نظام المرافعات الشرعية وهو مكمل لنظام العمل قد نص على أن عدم الاختصاص من المسائل الأولية التي يتصدى لها ناظر القضية.

ولفت التقرير إلى إجراءات تبليغ الكفيل في الهيئة الابتدائية لتسوية الخلافات العمالية بالقرار الصادر بشأنه، إذ إن حضور الكفيل في جلسة النطق بالحكم لا يكفي باعتباره قد تبلغ بالقرار لتقديم اعتراضه من عدمه، فلابد أن يتم تسليمه نسخة من القرار من قبل المحضرين بعد طباعة القرار الذي يستغرق عدة أشهر، مما يمكن الكفيل من التهرب والمماطلة في استلام القرار لعدة سنوات، فلا يكون القرار نهائياً واجب النفاذ إلا بعد إبلاغ الكفيل ومنحه فرصة 30 يوما للاعتراض على القرار، الأمر الذي يلحق الضرر بالعامل ويجعل حصوله على مستحقاته شبه مستحيل.