في بادرة غير مسبوقة شرعت أمانة منطقة عسير بإغلاق جميع المقاهي في مدينة أبها، وشمل الإغلاق داخل وخارج المدينة، وامتد حتى القرى المجاورة، حرصاً من الأمانة على إحكام الإغلاق مهما كانت آثاره وتبعاته، ودون سابق إنذار أو مراعاة لأصحاب المقاهي الذين يتكبدون يومياً خسائر فادحة، حسب ما أفاد به أحد أصحاب تلك المقاهي من رواتب عمالة وأجور مواقع ومواد أخرى، ناهيك عن كونها المتنفس الوحيد للشباب في أوقات فراغهم.
ومثل هذا التنظيم الذي ذهبت إليه الأمانة في ظاهره طيب وفي باطنه لفت نظر المواطنين إلى أن الأمانة تطبق مبدأ اتخاذ القرارات وتنفيذ التعليمات، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الأمانة لم تطبق الأوامر السامية التي صدرت قبل سنوات وتنظم إخراج المصانع – أي مصانع البلك والخرسانة – إلى خارج مدينة أبها وقد سبق أن تم تجهيز مواقع لهذه المصانع قبل أكثر من سبع سنوات، ومازال الكثير من هذه المصانع يقبع في داخل المدينة بين الأحياء السكنية وحتى وسط الطرقات، علماً أنه لا يخفى على الجميع ما تخلفه تلك المصانع من أضرار صحية وبيئية تبدأ مع كل صباح بنفث السموم من ثاني أكسيد الكربون ومن العوادم المتصاعدة معكرة الأجواء، مما يؤثر على صحة الأطفال وأيضاً زوار المدينة، وكأن الأمر عادي ولا يتعلق بصحة الإنسان والكائنات الحية حتى الأشجار والمسطحات الخضراء، وكأن الأمانة تهتم بالفروع ولا تنظر في الجذور؟
أما عن النظافة فقد وصل الأمر في الصيف الماضي إلى الذروة، وذهب الزائر عائداً إلى بلاده يروي ما شاهده من تكدس القمائم والنفايات في الشوارع والحدائق والمتنزهات، علماً أن مدينة أبها كانت من ضمن المدن الأكثر نظافة في الأعوام الماضية.
أما عن مرمى النفايات الواقع على المدخل الشمالي لمدينة أبها منذ أكثر من أربعين عاماً فمازال يشوه المدينة ويخدش جمالها، حيث إن الأدخنة تتصاعد منه يومياً وتغطي سماء المدينة ناقلة سمومها وهمومها إلى السكان، ناهيك عن تشويه المدخل نفسه، حيث يتفاجأ الزائر للمدينة بأرتال النفايات على جنبات الطريق والروائح تكتم الأنفاس وتصرع الأحياء وتشوه الكائنات، ولم يفكر مسؤولو الأمانة أن كثيراً من المدن بدأت تتخلص من النفايات بالطرق العلمية الحديثة، أما أمانة عسير فإنها مازالت تتعامل مع هذه المشكلة بطريقة الإحراق البدائية التي لم تعد تستخدم حتى في الدول الفقيرة. فهل المقاهي أكثر سموماً وخطراً من النفايات وأدخنة المصانع وغيرها التي تتصاعد يومياً في سماء مدينة أبها؟
ختاماً أقول لمسؤولي أمانة عسير أعيدوا ترتيب القرارات حسب الأولويات، وحبذا لو تبدؤون بمتابعة تنفيذ المشروعات التي مضى عليها سنوات ومازالت ما بين الأحياء والأموات.