وجود القيادات الخبيرة المحفزة في أي عملٍ كان، ضرورة لاتجاه هذا العمل نحو النجاح وتحقيق الآمال والطموحات المعقودة على نواصي أولئك الرجال الحاذقين، فهم بالعزيمة والتحفيز الذي يخرج من صدورهم لكل من يعمل تحت قيادتهم وهم بذلك يصنعون الرجال والقادة، فتجد النتائج المبهرة والمواهب الكامنة قد تفجرت ينبوعاً يشرب منه الجميع ويرتوي، في شركاتهم ومؤسساتهم بل وحتى في حواشي ومكامن بيوتهم.

قادني إلى ذلك الكلام غياب التحفيز لدى بعض من أمكنهم الله من قيادة أي عمل، فتضيع بصائرهم من استخدام ورقة التحفيز الرابحة لكل من يعمل معهم، غير عابئين بها أو أنهم قد يجهلون فن حبكها وتطويعها رغم سهولتها ويسرها، عطفاً على سحر ما قد تحدثه في نفسية ذلك الشخص الممدوح أو المحفز من نتائج قد تفوق ما ينشده ويتمناه قائد العمل أو رئيسه، أو حتى رب الأسرة عندما يكون الأمر في حدود مملكته الصغيرة.

وفي قصة الطالب المخترع الياباني عبرة جيدة ، فقد اخترع جهازاً وعندما زاره حاكم اليابان وشاهد ذلك الجهاز وسمع صوته قال: هذا أعذب صوت موسيقى سمعته في حياتي، هو لم يسمع موسيقى حقيقية ولكنه أراد تحفيز المخترع وتشجيعه، فما كان من ذلك المخترع الذي أصبح من العلماء المشهورين إلا أن أعلن عزمه على أن يعمل ثمان ساعات لمصنعه وساعة إضافية مجانية قال: هي لليابان، وذلك بسبب عبارة بسيطة، حتى أصبح ذلك نظاماً يقدسه اليابانيون ويفخرون ويفاخرون به.

وهناك الموظف الذي كان يحضر يومياً متأخراً إلى عمله وغيابه واستئذانه كثير، وعندما جاء رئيسه في أحد الأيام وجده أول الحاضرين للعمل، فحدس المدير وفراسته قاداه إلى التكهن بأن موظفه يريد الاستئذان فبادره المدير بالمديح وأجزل له الثناء على حضوره المبكر في ذلك اليوم فما كان من الموظف إلا أن عدل عن الاستئذان بل أصبح من أفضل الموظفين في عمله.

وقس على ذلك الأمثلة الكثيرة ولله ولرسوله المثل الأعلى، فالله سبحانه وتعالى أكرم من كل شيء وقد جعل لكل عملٍ صالحٍ حتى وإن لم يقم به المرء وأبطنه في نيته لعدم قدرته على عمله الأجر العظيم، ورسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام نقرأ عنه الكثير من المحفزات التي جعلت الصحابة يضحون بأنفسهم وأموالهم وبنيهم من أجل إعلاء كلمة الله ونيل الدرجة العلى من الجنة، وها نحن نتعلم من سيرته العطرة الكثير من المحفزات.

نرفع العقال ونقف إجلالاً لكل قائد عمل يجعل موظفيه شركاء وزملاء عمل وليس مجرد رئيس ومرؤوسين، فهو المحفز الأول لهم معنوياً ومادياً ومعززاً لذلك من خلال عبارات الشكر والثناء وبعض شهادات الشكر والهدايا، وأقلها الابتسامة التي هي هدي نبوي (تبسمك في وجه أخيك صدقة).

وفي المقابل لا مكان في القيادة لمن يستثقل أو يستكثر حتى كلمة شكراً لكل من يعمل معه من باب الكبر أو الفوقية أو حتى ظنه بأن ذلك يضعف هيبته وشخصيته، فهو يعتبر عمل الموظف واجبا يتقاضى عليه راتبا، وبالتالي يظن مخطئاً أنه ليس من واجبه أن يقول له شكراً، هذا بلا شك نقص فيه هو، وبخس لحق الناس وتقليل من شأنهم، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله.