يعتبر عام 2012 من الأعوام الذهبية للمرأة السعودية، فقد حصدت فيه عددا من المكتسبات الاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية، فعلى الصعيد الداخلي شهد هذا العام صدور عدد من القرارات في مجالات الشورى والتوظيف والرياضة، وهي قرارات تسهل للمرأة المشاركة في العمل الوطني والفكري، وخدمة المجتمع. وتجاوزت إنجازاتها البعد المحلي، لتحقق إنجازات عالمية، بالحصول على ألقاب وأوسمة ومراكز متقدمة في مجالات طبية وعلمية وبحثية.

خطت المرأة السعودية في هذا العام خطوات واثقة لإثبات ذاتها محلياً ودولياً، معتبرة أن النجاح الحقيقي في أي مجال يأتي دائماً من خلال الحفاظ على الهوية والتمسك بها، وعدم الذوبان في ثقافة أو هوية أخرى.

شهد هذا العام صدور عدد من القرارات الوزارية التي تنصب في مصلحة المرأة، حيث أصدرت وزارة العمل عدة قرارات، منها استكمال مرحلة قصر تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، حيث شملت المرحلة الأولى من التأنيث محلات بيع الملابس النسائية الداخلية، أولاً، ثم أدوات التجميل. وجاء هذا القرار ليضيف عدداً من المستلزمات النسائية الأخرى للأمر القاضي بقصر البيع في محلات المستلزمات النسائية على المرأة السعودية. أما القرار الثاني فاختص بتنظيم عمل المرأة في محاسبة المبيعات. وينظم هذا القرار عمل المرأة في هذا المجال بما يتوافق والضوابط الشرعية، ويوفر للمرأة بيئة عمل لائقة تحفظ لها حقوقها. أما القرار الثالث فاختص بتنظيم عمل المرأة في المتنزهات العائلية، حيث اشترط عمل المرأة في المتنزهات الترفيهية العائلية، ومحلات ملاعب الأطفال وغيرها من أماكن الترفيه العائلي بما يتيح للمرأة العمل في بيئة منضبطة، وبما يوفر راحة أكبر للعائلات التي ترتاد تلك الأماكن. وقد أكد هذا القرار أيضاً على جميع ما من شأنه توفير البيئة الملائمة للمرأة العاملة من توفير أماكن للصلاة والراحة. القرار الرابع يختص بالعمل في أماكن إعداد وتجهيز الأكل في مطابخ المطاعم، حيث تشبه هذه البيئة إلى حدٍ كبير بيئة المصانع، لذا نظم القرار عمل المرأة في هذه المجالات بشكل مشابه لتنظيم عملها في المصانع.

وقد راعت الوزارة الضوابط الشرعية لعمل المرأة في أقسام خاصة بها ومستقلة عن مكان عمل الرجال، كما راعي القرار الزي المناسب الذي ترتديه العاملات في بيئة العمل.

وحرصا منه على تفعيل القرار بما يتيح للمرأة فرصا أكبر، أمهل وزير العمل، المهندس عادل فقيه، أصحاب المحلات التجارية ستة أشهر من عام 2011 وبداية عام 2012 لتطبيق قرار التأنيث في كافة المحلات المخصصة لبيع الملابس النسائية الداخلية، مما ساعد على توفير فرص وظيفية جديدة للمرأة.

ورغم الصعوبات التي واجهت هذا القرار، أثبتت المرأة قدرتها على العمل في هذا المجال الجديد. وخلق هذا القرار نوعا من التنافس بين الموظفات. وأظهر قدراتهن على جذب العميلات الدائمات لهذه المحلات، ليس ذلك فقط، ولكن تمكن من رفع الدخول المادية لهذه المحلات، وتحقيق نسب مبيعات أعلى من الشباب، وذلك بحسب الإحصائيات الشهرية لتلك المحلات. ولوحظت استجابة وتعاون شرائح المجتمع مع هذا القرار. وأسهم ذلك أيضا في كسر حاجز الخجل من هذه الوظائف.

وصدر أيضا قرار اللجنة الأولمبية الدولية بالسماح للمرأة السعودية بالمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية 2012 بلندن، وكان ذلك خطوة إيجابية تسجل في تاريخ القرارات التي تنصب في صالح المرأة، حيث مثلت المملكة في هذه الدورة كل من الرياضيتين السعوديتين وجدان علي سراج عبد الرحيم شهر خاني، وسارة عطار (سباق 800 م)، وهذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها سعوديات في الألعاب الأولمبية.

وفي مجال الصحة أحرزت المرأة تقدما كبيرا في تقلد مناصب إدارية، حيث أصدر وزير الصحة قرارا بتعيين أول امرأة على مرتبة وكيل مساعد في أحد القطاعات الحكومية، بعد أن كانت هذه المرتبة لا يشغلها إلا الرجال، وتم تعيين الدكتورة منيرة العصيمي على مرتبة وكيل مساعد لشؤون الخدمات الطبية المساعدة في وزارة الصحة.

وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود قرارا تاريخيا بالسماح بدخول المرأة مجلس الشورى والمجالس البلدية، في خطوة تسهل للمرأة المشاركة في العمل الوطني والفكري، وخدمة المجتمع، وأهمية مشاركتها الرجل في صناعة القرار، والمضي معاً نحو شراكة فاعلة ومثمرة لخدمة الوطن وتنميته.

ولم تقتصر إنجازات المرأة في هذا العام على البعد المحلي، بل حققت ألقابا عالمية، حيث حصلت الباحثة الدكتورة حياة سندي على لقب "سفيرة للنويا الحسنة" من قبل منظمة اليونسكو، تقديراً لجهودها العلمية، وابتكارها في مجال خدمة الإنسانية.

وتبوأت الخبيرة الاقتصادية لبنى العليان أشهر الشخصيات النسائية في المجال الاقتصادي السعودي المركز الثاني في القائمة التي أعدتها مجلة "فوربس الشرق الأوسط" عن قائمة أقوى سيدات الأعمال العربيات في الشركات المساهمة لعام 2012.

وتمكنت المخرجة السعودية هيفاء المنصور من نقل الطموح السينمائي السعودي إلى آفاق عالمية، فبفضل فيلمها "وجدة" حضر اسم المملكة في مهرجان "فينيسيا" العريق كبلد منتج للمرة الأولى في تاريخها، وأدرجت مجلة "فاريتي" الأميركية المنصور كواحدة من أهم الشخصيات النسائية الإبداعية في تقريرها عن أكثر النساء تأثيراً في الصناعة السينمائية على مستوى العالم لسنة 2012 . وقبل أن ينتهي العام بأسابيع حقق فيلم "وجدة" إنجازا جديدا، بحصوله على جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دبي السينمائي الدولي.

وفي 2012 حصلت المخترعة السعودية نهى طلال زيلعي على "وسام الاستحقاق العالمي" من خلال مشاركتها في معرض المخترعين في كوريا، حيث شاركت بقلم ابتكرته يمكن الكفيف من الكتابة بالأحرف الهجائية، وذلك ضمن 61 وساما حصل عليها مخترعون متميزون من جميع أنحاء العالم.

أما الدكتورة السعودية سمر السقاف فقد نالت هذا العام شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة ساينت جوزيف بولاية كونيتكت في الولايات المتحدة الأميركية، والتي تعتبر من أقدم الجامعات في تعليم النساء، تقديرا لدورها في خدمة تعليم المرأة في الثلاثين عاما الماضية. ومن السعوديات اللائي تألقن في 2012 الطالبة السعودية سارة إبراهيم المطوع ذات الـ 12 عاما، التي نالت "شهادة الرئيس الفخرية للامتياز الدراسي"، التي تحمل توقيع الرئيس الأميركي باراك أوباما، لتفوقها على أقرانها وتحقيقها أداءً دراسيا استثنائيا على مستوى كافة الولايات المتحدة.

وحققت المبتعثة نور بنت علي الخثلان تفوقا علمياً في تشخيص الأمراض الصدرية، وذلك خلال مشاركتها في المؤتمر الأوروبي الثاني والعشرين للأمراض الصدرية لعام 2012، والذي نظمته الجمعية الأوروبية للأمراض الصدرية، في العاصمة النمساوية فيينا، ويعد هذا المؤتمر الأكبر من نوعه في العالم.