في كل مرة تتم دعوتي لحضور مؤتمر أو ندوة أو لقاء، أعلم علم اليقين أنني سألعب لعبة الكراسي.. تلك اللعبة التي تقوم على فكرة الركض على مجموعة كراسي هي بالضرورة أقل من عدد الراكضين.. يركض الكل حتى يجلس على كرسي بأي طريقة حتى لو بدفع الآخرين، وأحيانا يصل الأمر للإيذاء. فأبدأ بالدعاء بأن "يعدي" ربي اللعبة على خير. ولكل من يتساءل أين وكيف ومتى ألعب لعبة الكراسي، سأروي لكم ما حدث لي، وأنا متأكدة أن كل سعودي أو مقيم في السعودية يعرف ما هي لعبة الكراسي، بل وربما كانت له صولات وجولات مع هذه اللعبة.
في يوم الأربعاء 17 أبريل 2013 صبيحة يوم اغتسلت فيه مدينة الرياض بالأمطار، وكان الجو لطيفا لدرجة أنك تشعر بالسعادة والابتسامة في كل ما حولك، تفاءلت خيراً بأنني هذه المرة لن ألعب لعبة الكراسي وأنا في الطريق كعادة هذه المدينة المتناقضة.. وبمناسبة التناقض فلست أنا وحدي من يرى فيها هذا التناقض الذي بقدر ما يبعدك عنها، بقدر ما يجذبك لها، هي كحبيبة غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ التي حلم بامتزاجهما، فصارت الرياض، وصارت الرياض هي، فقال:
فاتنة أنت مثل الرياض
ترق ملامحها في المطر
وقاسية أنت مثل الرياض
تعذب عشاقها بالضجر
كانت الشوارع مزدحمة كعادتها الجديدة عليّ.. عندما انتقلت للعيش في بريطانيا عام 2004 لم تكن الرياض بهذا الزحام، كأنه حدث لسكانها انشطار وليس تكاثر! المهم وصلت والحمد لله في الوقت المحدد وانتهيت من كل الإجراءات، وإلى الآن وأنا متفائلة بأنني ـ بإذن الله ـ لن أشارك هذه المرة في اللعبة، لكن بمجرد ما وطئت قدمي أرض الملعب إذ بي أول المشاركين فيها.. تكرمت بإعطاء مقعدي من دون أن يتم سؤالي، كي أخرج من هذه اللعبة التي لا تحدث في أي ملعب من ملاعب العالم سوى أروقة الخطوط السعودية، لكن للأسف كان موظفو "السعودية" مصرين أن ألعب، وافقت قائلةً: رجاءً هذه المرة "إن شاء الله ترجعوني في آخر الطيارة لا مانع لدي، لكنني لا أريد إزعاج أي شخص آخر".. وإذا بموظف "السعودية" الأرضي يصطحبني إلى رواق جديد في الملعب، فأقول له متى ستتوقف الخطوط السعودية عن لعبة الكراسي؟! وإذا به بكل فظاظة وجلافة يجيب: "لن نغيرها طالما هناك عوائل".. لكن يا عزيزي نفس العوائل لا تلعب الكراسي إلا في الخطوط السعودية.. فأجاب قائلا: "اللي مو عاجبه لا يركب الخطوط السعودية".. وإذا بأسلوبه السيئ يدفعني لطلب العودة لمكاني الأول ولن أتنازل، كانت ردة فعله عنيفة بحيث إنه أصبح يتحدث بصوت مرتفع: "الطائرة مليانة عاجبك عاجبك.. مو عاجبك أنتي حرة".. استفزتني قلة احترامه، فذكرته بالشباب أصدقائه عندما قام بتغيير مقاعدهم من درجة الضيافة إلى درجة رجال الأعمال ولم أقل شيئا.. ورجوته أنني أريد مقعدي الأساسي.. بكلامي هذا كأني قمت بالجلوس على آخر كرسي باللعبة مما جعله يبدأ بالدفاع المستميت، محاولاً إقناعي أن تذاكر أصدقائه على درجة الأعمال، لكن بسبب الزحمة تم تنزيل درجتهم! لم أقتنع بالإجابة فطلبت مقابلة المدير.. حاول أيضاً إيهامي بأنه المدير! تركته متجهةً لغرفة الكابتن، وهو خلفي، فقد كان سليط اللسان، مما وترني، فإذا بأول شخص تنازلت له عن الكرسي هو ذاته مدير الرحلة، فقال لهذا الموظف: ماذا حدث.. فهي كانت متعاونة وليس لديها مانع.. ما الذي حدث؟!
ردي باختصار أنه كان سليط اللسان ولا يقدر الناس، فأخذ الموظف الأرضي "يهايط" حسب تصنيف الجيل الجديد، وأصبح يستخدم مصطلحات،"مع نفسك"، وكلاما آخر جعلني لا أصدق هل هذا موظف بالغ عاقل حر؟!
هل خبرة 5 سنوات في لعبة الكراسي من شروط التوظيف في الخطوط السعودية؟!