تصدرت عدة أحداث الأخبار التلفزيونية والإلكترونية خلال الاثنين والسبعين ساعة الماضية، فمن انفجار ماراثون بوسطن إلى زلزال إيران إلى إعدام 21 مدانا بالإرهاب في العراق، إلى شائعة حريق منزل الأمير الوليد بن طلال، إلى جانب أخبار عديدة تفاوتت قيمتها الخبرية واهتمام الناس بها.
الجامع المشترك فيها جميعا هو أنها نقلت عبر مصادر اعتاد المراقب الإعلامي على وصفها بالمصادر المطلعة والمهنية والواعية بمفهوم الدقة والأمانة في النقل بعيدا عن إغراء السبق والجماهيرية والعمل بعقلية الإعلام الاجتماعي البعيد عن قواعد وأسس المهنية الصحفية.
لست شخصيا من المعادين لقناة العربية كما هو حال البعض ممن يرون فيها، أنها وسيلة لا تمثلهم أو أنهم لا يفخرون بها كقناة سعودية، أو أنها كما يقولون وجه آخر لصحيفة الشرق الأوسط في دعم المشاريع التغريبية، ولكني أجد أنها أصبحت اليوم تبتعد شيئا فشيئا عن المبادئ المهنية التي تحدثنا عنها لسبب أو لآخر، فقد يكون السبب انخفاض مستوى الإعداد الذي يسبق البث، أو لاستعجال صحفيي القناة في النقل وبناء نجومية شخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو لمجرد الإثارة والشهرة لأسباب تسويقية مما يدعوها كثيرا لإلصاق السعودية كجزء مكمل لأي خبر مثير.
سأكون واضحا ومباشرا، فقد نقلت القناة عن صحيفة "لوس أنجليس تايمز" إثر انفجار بوسطن أن السلطات الأميركية تستجوب سعوديا وهو الأمر الذي اتضح عدم دقته، إلى جانب نقلها عن مصادر أميركية أن عدد القتلى وصل إلى 12، الأمر الذي اتضح بعده كامل الحقيقة، مما دعى القناة للتصحيح، ثم ما نقله كبير مراسلي القناة ومدير مكتبها في السعودية خالد المطرفي بأن حريقا اندلع في منزل الأمير الوليد بن طلال اتضح كذلك أن الخبر غير صحيح، وأخيرا خبر إقحام السعودية في خبر إعدام الـ21 إرهابيا في العراق على لسان المذيعة سهير القيسي بأنه "ربما" كان بينهم سعوديون و"ربما" هذه هي كالبهار عند نقل الخبر الحي يتم تصحيحه لاحقا إن اتضح عدم دقته وهو تماما ما حدث.
عامل "الدرعمة" - أي الاستعجال - في العمل الإعلامي هو الذي يبين الفرق بين الوسيلة التي يمكن تصديقها وتلك التي لا يمكن، وإن كانت "العربية" قد تمكنت خلال أعوامها العديدة أن تحقق نجاحات فهي بدون شك كانت نتيجة الالتزام بأسس العمل المهني الذي يضع الحقيقة أمام السبق، والدقة في وجه الإشاعة، والأمانة في مقابل النجومية الشخصية، وليس على أساس إقحام السعودية في كل شيء، والاعتماد على الإثارة في نقل أي شيء.