لا أعلم على وجه الأرض شعبا واحدا يدافع بضراوة ويقاتل بشراسة ضد قرار وطني يدعو لتطبيق النظام والقانون مع وعلى القوى العاملة التي تخالف أنظمة العمل وتعمل في غير ما استقدمت له ومن أجله. لا أعلم أحدا من شعوب الأرض، إلا شعبنا العزيز الكريم، الذي يرفض باستبسال شديد تصحيح أوضاع الملايين من العمالة السائبة، والملايين الأخرى التي لا تعمل مطلقا في المهن التي جاءت من أجلها ولا تحت إشراف الأفراد الذين استقدموهم لمشاريعهم أو استثماراتهم المختلفة. تعلمت من تجربتي في تحليل ردة الفعل على القرارات الإدارية الوطنية المختلفة، أن أكثر القرارات إصابة وصوابا لإنقاذ مستقبل الاقتصاد الوطني وإعادته إلى أبنائه وإلى أجياله القادمة، ليس إلا تلك القرارات التي يقابلها مصاصو دماء الوطن والماشون على (رقاب) أهله بالرفض والاستهجان. ما الذي يدفعك لأن تقاتل ضد تصحيح الأخطاء وضد نفاذ النظام والقانون؟ وما الذي يدفعك إلى هذا الاحتجاج الصارخ ضد قرار قانوني وأنت الذي تعرف أن الإحصاء يقول لك إن بلدك يشهد في اليوم الواحد عشرة آلاف حالة عمالية جديدة من الهروب أو التسلل وترك الكفيل وتغيير طبيعة المهنة؟

وللذين يهددون على الدوام أن المواطن الضعيف هو من سيدفع في نهاية الأمر تكلفة التصحيح العمالي فسأرد أن هذا المواطن مع وطنه هم ضحايا استغلال القوي ونفوذه. المواطن الضعيف هو ضحية المواطن القوي الذي تحول عمالته من الاقتصاد الوطني في العام الواحد 150 مليارا كان يمكن لها أن تدور في الجيوب الداخلية. المواطن الضعيف هو من يرفض صنوه (القوي) توظيف أولاده الأربعة لأن (القوي) يستطيع بربع المرتب أن يلجأ للسوق السائب ليأخذ عشرة عمال من المخالفين بربع التكلفة ليكسب خمسة أضعاف الربح على حساب الأسر الضعيفة.

سأختم بنداء صريح للقيادة السامية الكريمة ولوزارة العمل: هذا القرار الجريء بالتصحيح هو ذروة كل قرارات السيادة الوطنية، ومهما دفعنا له من الثمن فلنحارب من أجل نفاذه من أجل مستقبل الأجيال وكي يعود الوطن بالفعل لأهله.