-1-
خاتلتني دمعة وأنا عائد ظهرا من الدوام إلى البيت، بعد أن سمعت شاباً سعودياً يتكلم عن اختراعه جهازا عبارة عن كرسي حمام متنقل، بتقنية متقدمة لخدمة كبار السن والمقعدين.
هذا الجهاز الذي اخترعه الشاب السعودي، والذي حسبما يقول، إنه سيقضي على معاناة كل المسنين في كل البيوت، هو مفخرة وتاج على رأس كل شاب سعودي.
الشاب يقول إنه اخترع هذا الجهاز بعد أن عاش معاناة والده المسن، وقبل أن يموت والده وهو لم يجلس على هذا الكرسي الذي حصل الشاب على براءة اختراع دولية بعده.
-2-
ليت وزير الخدمة يخرج كل يوم مثل الشمس من الشرق، ليرى بعينيه حجم المتخرجين الجامعيين العاطلين الذين تغص بهم الشوارع، وهم يدورون بملفاتهم الخضراء، وإشاراتهم الحمراء، وشفاههم الصفراء، وأرجلهم البيضاء البسيطة.. ويعرف كيف تأكل الشمس رؤوسهم وهم يبحثون عن وظائف، بدلا من انتظار وظائف وزارة الخدمة المدنية، التي لو وقفوا في طابورها سنوات لن يحظوا بوظيفة منها، وإن جاءت بعد سنوات، جاءت فرحتها محروقة من طول الانتظار.
هل تعرف طعم الفرح المحروق يا معالي الوزير؟ وهل لديك "اختراع" يخفف من حنق هؤلاء الشباب والشابات؟ و"اختراع" آخر غير الملف الأخضر، يحميهم من "الخرعة" على مستقبلهم وأحلامهم؟
-3-
من الشرق الأوسط الجديد الذي رسمته كونداليزا رايس ولوّنته هيلاري كلينتون خرجت حُزمة شعوب لا ترضى تفرقة، وحزمة تنمويات لا تقبل تقسيم حصص لأميركا وطابورها، وحزمة عقول عرفت أن الحرية لا تمنحها أميركا في طائرات ومجنزرات.. بل تمنحها قوة إنسان وقف وسط الشارع وأحرق نفسه، اسمه بوعزيزي.
السؤال:
هل لدى أميركا "اختراع" يوقف الحريّات ويُميتها، بعد أن نمت وتشعبت؟.. لا أظن.