نشرت صحيفة سبق الإلكترونية اليوم حوارا مطولا مع رئيس التحرير طلال آل الشيخ تناولت فيه الكثير من خلال تجربته في رئاسة التحرير،معلنا أنه سيكون أول المنسحبين من هيئة الصحفيين هذا العام إن لم تقدم شيئاً يذكر لأعضائها، وتطرق فيه لمحاربته في اتحاد كرة القدم من أصحاب المصالح، ورفضه تسنم رئاسة الاتحاد السعودي، مبديا عدم اتفاقه مع كل يكتبه غالبية كتاب الوطن ، نافيا في الوقت ذاته تدخل رئيس مجلس الإدارة سمو الأمير بندر بن خالد في التحرير. وتطرق لعدد من المحاور المهمة ، في الحوار التالي:
**"أصغر" رئيس تحرير لصحيفة سعودية "كبيرة"، بصراحة هل تضايقك تلك العبارة؟
- هي معلومة أكثر منها عبارة.. ويسعدني رئاسة تحرير صحيفة كبيرة في هذا العمر، وهو إنجاز بالنسبة لي لاسيما وأنني اقتحمت منصب رئيس التحرير في بلد تعود أن يكون رؤساء التحرير في الغالب أعمارهم كبيرة ما بين الـ55 إلى 60 عاماً، ولهم 30 عاماً أو أكثر في مناصبهم، فهذا في رأيي ليس بالأمر السهل، ولولا توفيق الله سبحانه وتعالى والجهد والعمل لم أصل لهذا المنصب. وأنا لدي مقولة قد أستبق بها سؤالك القادم، وهو أن الصحافة هي المهنة الوحيدة التي ليس فيها واسطة، ففيها لا يوجد أي مجال للواسطة ولا للمساعدة من صديق لأنها عمل يومي مفتوح ومكشوف للجميع وإن لم تمتلك الأدوات الصحيحة والقدرات فمن الصعب أن تنجح فيه وتستمر. وأنا مع التوجه الحالي للمؤسسات الصحفية السعودية في إعطاء الفرص للشباب لكي يتولى رئاسة تحرير الصحف، كجميل الذيابي في صحيفة الحياة، وسلمان الدوسري في صحيفة الاقتصادية.. وغيرهم؛ لأن الشباب هم المستقبل، وقادرون أن يثبتوا أنفسهم، وفي النهاية لن يختار رئيس تحرير لصحيفة ما إلا لكفاءته وفائدته للصحيفة وقرائها، وامتلاكه حرفية ومهنية عالية.
** هل اخترت لرئاسة تحرير الوطن لأنك الصحفي طلال آل الشيخ، أم لأنك أحد أبناء عائلة "آل الشيخ"؟
لا.. لا إطلاقاً فقد ذكرت لك سابقاً أن العمل الصحفي والإعلامي اليومي لا وجود فيه للواسطة بل للكفاءة والحرفية والمهنية العالية، فلا يمكن أن تغامر صحيفة يومية كبرى بمصالحها وقرائها من أجل أن رئيس تحرير ينتمي لعائلة معينة.. الصحافة كما قلت هي عمل يومي مستمر، وقدرة إبداعية يجب على رئيس التحرير فيها أن يكون قادراً على إدارة فريق عمل متنوع الخبرات والقدرات، ويبرز الكوادر الشابة ضمن هذا الفريق، وأن يقدم شيئاً مفيداً للقراء والمجتمع.. وصدقني اسم عائلتي لم يكن له دور في اختياري لرئاسة تحرير الوطن.. وإلا لوجدت أشخاصاً آخرين من عائلة آل الشيخ وعوائل أخرى رؤساء تحرير في مواقع أخرى.
** تعيينك جاء لإرضاء تيار ديني معين دائماً ما يثير "الزوابع" ويشتكي رؤساء تحرير "الوطن"، أليس كذلك؟
أيضاً لا.. ففي الصحافة المجال لا يتسع لإرضاء أحد ما أو تيار فكري أو ديني معين، بل الصحافة رسالتها للجميع. ومؤسسة صحفية كبرى كمؤسسة عسير التي تصدر "الوطن" لا يمكن أن تفكر بهذا الشكل إطلاقاً. ففي ظل وجود منافسة حالية كبيرة ومؤثرة بين المؤسسات الصحفية، والصحف الإلكترونية، ووسائل الإعلام الجديد لا يمكن التفكير بهذا المنطق بل الغلبة للأهداف التجارية وللانتشار من خلال البحث عن تجارب جديدة، وأفكار حديثة تطور الصحيفة وتوسع دائرة انتشارها. وسنقوم في الوطن بتجربة جديدة وسنطلق في بداية العام الميلادي الجديد 4 طبعات جديدة لتغطية أخبار مختلف المناطق، ولتقديم شيء جيد للقراء في مناطقهم مع بقاء جوهر الصحيفة الذي لن يختلف بل ستتغير بعض صفحات الأخبار المحلية، وكل ما يهم المواطن، والطالب، والمعلم، والجامعي وغيرهم وسنخصص طبعات مناطقية للأخبار تتغير حسب المنطقة، لكن المحتوى الثقافي والسياسي والاقتصادي سيكون موحداً في الصحيفة، وهذه تجربة جديدة تهدف إلى خدمة كل قارئ في منطقته.
** بعد أن كانت تصدح عالياً في كل مكان وصوتها يسمع من به صمم.. صمتت "الوطن" مؤخراً، فلماذا "ركدت" الأمور بهذا الشكل و "طاح ما في رأسها"؟
لا أبداً هذا كلام غير دقيق.. أعتقد العكس هو الصحيح.. فالوطن صحيفة كبيرة وقوية وصوتها مسموع قبل تعييني وبعده، وأنا لم آتِ لصحيفة متواضعة لكي أكبرها. لكنني أعتقد أن كل منصف سيرى أن هناك لمسات معينة قدمتها مع فريق العمل الذي أعمل معه فأنا لست وحدي الذي يعمل في الوطن.
** حسناً.. بعد عام ونصف ما لمساتك؟ وبماذا تفخر أنك قدمت للوطن؟
أولاً المصداقية والتوثيق، فلا يمكن أن تجد مادة تحريرية في صحيفة الوطن غير موثقة.. ونحن مررنا بمواقف عديدة وواجهنا العديد من الجهات الرسمية خارجياً وداخلياً وتفوقنا بمصداقيتنا. وصدقني منذ 10 سنوات لم تبرز صحيفة سعودية محلية على المستوى العالمي كصحيفة "الوطن"، دع عنك صحيفتي الشرق الأوسط والحياة لأنهما ذاتا طبعات دولية. إلا أن من الأمور التي نعتز بها تصدينا لتقصير العديد من الجهات الرسمية بالوثائق، ونجاحنا في إثبات وجهة نظرنا التي حاول البعض التشكيك فيها. ويمكنك العودة لأي عدد سابق للوطن خلال عام وبضعة شهور -في فترتي- ستجد أن هناك أكثر من خبر خاص وحصري، وهذا أمر صعب لأي صحيفة يومية في ظل توفر المعلومات حالياً من خلال الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.. أيضاً من الأمور التي أعتز بها أن الصفحة الأولى للوطن لا تخلو من خبر حصري يومي مميز. كذلك تطورت التحقيقات ولعلي أذكر تحقيقا انفردنا به عن الوضع السوري، وكيف استطعنا تهريب صحفي إلى الداخل السوري لرصد تطورات الأمور هناك وتوضيح دور المقاومة السورية، كذلك عملنا تحقيقات هامة من اليمن، وأعتقد أن تميز التحقيقات، والتفرد بالخبر الحصري هما سمت "الوطن" حالياً.. قد أتفق معك أن الذي خفت هو صوت الإثارة غير المحمودة الذي كان طاغياً في السابق، لكن الآن البحث عن المصداقية، وتقديم الشيء المفيد للقراء، وليس مجرد "طهبلة" دون محتوى صادق، ولو أردنا ذلك سنكتب 50 خبراً مثيراً لكن بلا مصداقية، وهذا لا نريده.
** هل توجه اتهامات "الإثارة" و "الطهبلة" لمن سبقك من رؤساء تحرير؟
لا.. لا أتهم أحداً قبلي كلهم زملاء أحترمهم وأقدرهم، ولهم بصماتهم الواضحة على الصحيفة ولكل منهم ميزته وجهده.. لكنني أتكلم عن فترتي فقط، وماذا قدمت خلالها. وأنا سعيد بردات الفعل الإيجابية على الصحيفة حالياً.
** يقولون إن لكرسي رئاسة التحرير "مزالقه"؛ وفي "الوطن" تكرر عدة مرات، هل العلة في الكرسي أم في الأشخاص؟
لما أطلع من الوطن أقولك.. "يضحك".. بصدق هي صحيفة جريئة ومختلفة عما كان سائداً في الصحف التي قبلها، ورؤساء تحريرها السابقون دفعوا ثمن تغييرهم للمشهد الصحفي السعودي بشكل عام، ومن دفع الثمن كان لهم بصمة رائدة وبنى سمعة الوطن المتميزة.
** ألا تزال تؤمن بقول "الحقيقة" مهما كلف الأمر أم غضضت الطرف عنها من أجل كسب التيار الأقوى الذي أطاح بعدة رؤوس قبلك؟
"الوطن" رسالتها للكل في المجتمع، ولكل التيارات الفكرية، وليس هناك تيار محجوب عن الكتابة والظهور على الوطن، ولكن ما يتم حجبه هو الإساءة حتى لا تستغل الوطن لتصفية الحسابات وصراع التيارات الفكرية.. ونحن في الصحيفة لسنا طرف في الصراعات، وكتاب الوطن يكتبون بدون تقييد لكننا لا نتبنى رأي أحد منهم لأننا صحيفة وطنية تصدر من بلد إسلامي يعتز ويفتخر بدينه وبعاداته الإسلامية التي لا يمكن التفريط فيها. إلا أننا منفتحين ونتيح المجال لكافة التيارات بقدر احترامهم لكل الأطراف الأخرى.
** يقال إنك السبب في خروج بعض الكتاب من "الوطن" مؤخراً بسبب تقليصك هامش الحرية الذي تعودوا عليه؟
هذه طبيعة العمل الصحفي دائماً يخرج بعض الكتاب ويأتي غيرهم، ونحن نعتز بكل كتابنا، ودعني أوضح لك شيئاً. نصف كتاب الوطن أو ثلثهم وقد يكون غالبيتهم لا أتفق مع بعض ما يطرحونه، لكن لا يمكن أن أحضر كتاباً على مزاجي ورغبتي وإلا لأصبحت الصحيفة موجهة لي أنا.. لكنهم كتاب مبدعون ولهم قيمتهم ويلبون رغبات المجتمع والأطياف المختلفة.. وما دام الكاتب يعبر عن رأيه الشخصي دون مصالح خاصة، ودون توجه معين، ولا يسيء لثوابتنا فبالتأكيد مرحب به ولا يمكن أن نبعده، قد تختلف مع كاتب من نواح رقابية وما إلى ذلك، لكن لا نراقبهم في فكرهم، ولهم حرية الطرح بما لا يمس الثوابت، والعقيدة والوحدة الوطنية، ومتى ما تجاوز الكاتب هذه الثوابت هنا نتدخل وبقوة لكن أي شيء آخر مختلف فكرياً لا علاقة لنا به.
** ما صحة ما يقال عن تدخل الأمير بندر بن خالد رئيس مجلس الإدارة مؤسسة عسير في شؤون التحرير؟
ليس له أي تدخل في العمل التحريري لا من قريب أو بعيد.. فالأمير بندر علاقته بالصحيفة علاقة رئيس مجلس إدارة يضع الخطط الإستراتيجية، والخطط المستقبلية، وأمور إدارية عامة أخرى، لكن العمل اليومي ليس من اهتماماته، وأؤكد لك عدم تدخله فيه، وهو يقرأ الصحيفة في كل صباح كأي قارئ، نعم قد يكون له ملاحظات معينة كأي شخص آخر متابع همه أن تبقى الصحيفة قوية، وذات مصداقية وطنية تعبر عما يهم الوطن والمواطن، ونتقبلها منه لأنها رسالته كرئيس مجلس إدارة.. لكن الأدوات الصحفية هي من اختصاص رئيس التحرير وليس أحد آخر. ويظل الأمير بندر بن خالد هو خير داعم لنا في الصحيفة.
** على اعتبار أن العمل الصحفي متعب ويتطلب قدرات عالية، هل لرئيس التحرير في الصحف مدة صلاحية معينة وبعدها عليه أن يرتجل وإلا سيصبح منتهي الصلاحية؟
من الصعب الحكم على مدة انتهاء صلاحية رئيس التحرير.. لأنني أعتقد أن التجربة تختلف من شخص لآخر، لكن كل شخص قيادي في مكان المسؤولية في أي منصب كان لديه وفق المعايير العلمية والصحية عدد من السنوات يعطي فيها كل ما لديه من أفكار، وخطط، ومقترحات، ويستطيع خلالها تحمل الضغوط النفسية والعصبية ثم عليه الانتقال لتجربة جديدة في مكان آخر، وبناء على ما تؤكده عدد من الدراسات والتجارب الدولية ثبت أن الفترة من 6 إلى 8 سنوات تعتبر الحد الأقصى والمدة المناسبة لتولي منصب رئيس التحرير.. لأنه يفترض خلالها أنه قد أعطى كل ما لديه، لكن في بعض الصحف قد يستمر رئيس التحرير لفترات أطول لعوامل وظروف أخرى قد تكون مالية أو غيرها تفرض بقاءه.. وإلا فإن 8 سنوات تعد كافية كحد أقصى وبعدها يصبح الإنسان متشبع لا جديد لديه حتى بالنسبة للموظف والمدير يكون قد مل وتشبع وقدم كل ما لديه.. وصدقني في مكان إبداعي مثل الصحافة يجب أن تتنوع التجارب والمناصب والمسؤوليات.
** بما أنك عضو في مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين في دورته الحالية، هل أنت راض عما تقدمه الهيئة؟
لا.. طبعاً حتى الآن لا تعبر عنهم ولا عن احتياجاتهم وتطلعاتهم، ولم تقدم لهم ما يرضى الحد الأدنى من طموحاتهم.
** وماذا فعلت كعضو مجلس إدارة؟
نقوم بجهود لسد بعض الفجوات، كالموقع الإلكتروني، والمبنى و..
**.. لكن هذه من الأمور الأساسية التي كان يجب أن ينتهي منها في مراحل سابقة وليس الآن؟
نعم أتفق معك هذا من المفروض مرحلة سابقة وليس الآن.. لكن أتمنى حالياً تحقيق عدة أشياء في الهيئة، أولها وجود حوار دائم واتصال مستمر بين جميع الصحفيين من خلال هيئتهم، وإقامة العديد من الدورات التدريبية للصحفيين؛ فللأسف حتى الآن لم تقدم هيئة الصحفيين أي دورة تدريبية إلا بعض الدورات المحدودة جداً وبدعم من جهات معينة، في حين أن من المفروض أن تقام طوال العام، وأن يكون هناك مزايا كثيرة تقدمها الهيئة للصحفيين وأن تدافع وتحمي الصحفي وترعى حقوقه وتبحث له عن امتيازات عند بعض الجهات وأشياء كثيرة.
** هذه أفكار جميلة نسمعها دائماً.. لكنكم لا تطبقونها على أرض الواقع؟
معك الحق، التطبيق عجزنا عنه، وهذا أمر صحيح لا بد من الاعتراف به.
** وما السبب؟
ليس كل ما يعلم يقال، ودعني أحدثك عن دوري أنا فقط، فإن لم أستطع مع زملائي في مجلس الإدارة خدمة الصحفيين، والوصول للحد الأدنى مما يرضي رغباتهم سأكون أول من ينسحب من مجلس الإدارة هذا العام، وسأعلن فشلي في الهيئة.. لأننا لم نصل لمجلس الإدارة إلا بأصوات هؤلاء الصحفيين، ومن أهم الأمور التي أفتخر بها في مسيرتي الإعلامية هو ثقة الصحفيين بي وتصويتهم لي، قد يقول البعض إن انتخابي هذا العام كان مفاجأة لكنه في الواقع لم يكن كذلك فأنا عملت بجد حتى انتخبت، وما أفرحني هو النسبة العالية التي حصلت عليها عند التصويت، وهذه أعتبرها رسالة من الصحفيين الذين انتخبوني بأنهم يريدون التغيير. وبالتالي إن عجزنا عن التغيير سأكون أول عضو مجلس إدارة لا يكمل الدورة الحالية وينسحب.
** هل أعتبر هذا بمثابة التزام منك؟
نعم.. فأنا لم آتِ لهيئة الصحفيين للتكسب وتحقيق المصالح الشخصية فليست هناك مكافأة مالية مغرية، ولا إضافة ولا أبحث عن مسمى عضو هيئة الصحفيين.. أنا أتيت لأعبر عن همي الصحفي وهم زملائي. والبحث معهم عن حلول تفيد الهيئة إن لم أجدها لماذا أبقى؟ "وش يبقيني". حالياً قدمت مقترحات عديدة لتطوير لائحة الهيئة من ضمنها تحديد فترة عضو مجلس الإدارة بفترتين، والرئيس بدورتين فقط، ومقترح أن تكون الانتخابات كباقي انتخاب نقابات وهيئات الصحفيين في العالم، فليس من المعقول الترشح لعضوية الجمعية العمومية ثم بعد ذلك ينتخب الرئيس، فإما يكون الترشيح لرئاسة الهيئة أو لعضوية الجمعية العمومية مع تقديم برنامج انتخابي محدد وواضح لتطبيقيه بعد الانتخاب أما الآن فالعملية تتم "بالبركة".. وألمس عند زملائي في الاجتماعات القليلة التي عقدت تركيزهم على الهم الصحفي المشترك، وأتمنى بتكاتفنا مع بعض أن نحقق الشيء الذين يتمناه الصحفيين والصحفيات أو نترجل ونترك الفرصة لغيرنا بكل شجاعة.. وأنا أتساءل ما الذي يمنع أن يتولى الهيئة مجموعة من الصحفيين الشباب الجدد ويحاولون تفعيلها؟ ولماذا لم تجد الهيئة حتى الآن راعياً رسمياً يدعم أنشطتها؟.
** أفهم من كلامك أن هناك أطرافاً معينة في الهيئة مهيمنة على مجلس الإدارة تسيرها وفق رغبتها؟
هل تريد أن تقول تركي السديري؟
** قد يكون واحداً منهم.. أنا أسألك؟
"شوف" هذا السؤال أستطيع الجواب عليه بعد سنة كاملة من الآن لأنني لا أملك حالياً الإجابة الشافية.
** يتردد أن هناك من يقف في طريق تنفيذ بعض المشاريع التطويرية للهيئة ويريدها بهذا الشكل حتى يسيطر على قراراتها ويوجهها كما يريد، ما تعليقك؟
حتى الآن تركي السديري كرئيس مجلس الإدارة يتقبل كل المقترحات التي نقدمها، والنقاش مستمر وموجود، ونعطى نحن أعضاء المجلس المساحة في إبداء الرأي.. لكن عندما تبدأ الخطوات الفعلية والتطبيقية أتمنى ألا يكون تركي السديري كما طرحت في سؤالك، لأن إعطاء الفرصة والتغيير مطلبان ضروريان، وأنا هنا لا أعني أسماء معينة. وما قلته سابقاً عن صلاحية رؤساء التحرير أقوله مرة أخرى عن رئاسة هيئة الصحفيين.
** هل هناك توجيه بانتخاب أسماء معينة أو قوائم معينة توزع في وقت مبكر، كما يقال؟
لا أستطيع الجزم بذلك، كل ما أتمناه أن ينتخب الصحفي لقناعته الشخصية ومن يعرف أنه يخدم مهنته، وليس لإرضاء رئيسه فقط. لأن هذه مهنته ومنها يأتي رزقه ورزق أبنائه، ولذلك لا بد أن يحرص على انتخاب من يطور المهنة ويحقق أمنياته. وبالتأكيد هناك ممارسات سلبية موجودة تدل على ضعف موقف الصحفي السعودي، وضعف الصحافة السعودية فأغلبهم يخاف أن يغضب رئيسه، وأن يفصل من جريدته ولا يجد عملاً. في حين أن الصحفيين السعوديين أثبتوا مكانتهم بمهنيتهم العالية، وفي رأيي تمسكهم بمهنيتهم هي سلاحهم في وجه أي شخص. ويقال هناك دعم للصحفيين في حالات معينة. وليس لدي معلومات دقيقة عنهم.. وهذه يسأل عنها الجحلان أمين الهيئة. وفي مجلس الإدارة لم نواجه حتى الآن شيئاً من هذا الأمر، فالصحفيون السعوديون عاقلين "يضحك"! ويجب ألا يكون لنا حصانة كرؤساء تحرير في مجلس إدارة الهيئة. ومن وجهة نظري لا يجب أن يصوت في هيئة الصحفيين إلا من له علاقة مباشرة بالتحرير، أما من لا يعرف المهنية الصحفية ويعمل في المونتاج والطباعة والتجليد وغيرها، وينضم للهيئة فهذه إهانة لمهنتنا وإساءة لنا. وهذا رأيي أقول داخل وخارج الهيئة فلا يجوز تجميع الأسماء وإدخالهم للتصويت وهم بعيدين كل البعد عن التحرير. ولذا يجب أن نحمي مهنتنا ونحافظ عليها حتى يحترمنا الناس.
** هناك من يطالب بأمين لهيئة الصحفيين يكون متفرغاً لها حتى يخدمها أكثر؟
هذه إحدى الأطروحات التي يجب العمل عليها، وهناك من يرى أن يعين الأمين بقرار رسمي ويفرغ، وأطالب مع زملائي أن يكون هناك فريق عمل متفرغ للهيئة، وليس أن تأتي بشخصين متعاونين غير مؤهلين ليديروا الهيئة فالأمر أكبر منهم وهذا ليس منطقاً. يجب أن تضطلع الهيئة بمسؤولياتها وتكون مرجعية وحيدة للصحافة والصحفيين، فوزارة الثقافة والإعلام ليس لها دخل في الصحافة من قريب أو بعيد، وكذلك وزارة العمل. لكن ضعف هيئة الصحفيين وطاقمها الإداري شتت مسؤولياتها ومهامها وأضعفها كثيراً.
** دعني أنتقل للجانب الرياضي، بحكم تجربتك في الأندية السعودية واتحاد كرة القدم والصحافة الرياضية ضع لنا "مانشيت" رئيسياً يعبر عن الوسط الرياضي؟
اكتب المانشيت التالي: "إلى أين نتجه؟".
** لماذا وضعت هذا المانشيت؟
لأن الوضع الرياضي في البلد يمر بمرحلة أعتبرها متراجعة وخطيرة، وإن لم يتم انتشالها بعمل مؤسساتي منظم مع دور فاعل مع القطاع الخاص، وإبعاد بعض التجار الذين ليس لهم علاقة بالرياضة فالوضع المقبل وضع خطير..
** من تقصد بالتجار في الوسط الرياضي؟
هناك مجموعة من التجار في مختلف الأندية الرياضية وفي الاتحادات ليس لديهم الفكر التخطيطي، ولا الدراية الكافية وعليهم أن يبتعدوا، فالرياضة هي عبارة عن فكر وتخطيط، وأنا ذكرت ذات مرة للأمير نواف بن فيصل إن لم نبدأ من القاعدة الرياضية فسيكون لنا حد معين في كل مرة نصله ثم نتراجع، وخير مثال مشاركتنا في كأس العالم نأخذ 3 و4 أهداف ثم نعود مرة أخرى دون تحقيق نتائج مهمة وهكذا الأمر دواليك.. أعلم مدى حرص الأمير نواف بن فيصل وتشجيعه لمثل هذا التوجه فقد عملت معه عندما كان رئيسا للجنة المنتخبات، وهو الشخص الداعم الأول لنا. وأتمنى أن يوفقه الله بفريق عمل يساعده على تحقيق أهدافه، وأفكاره الطموحة فهو يملك من العزيمة والإصرار والفكر الشيء الكثير.
** كنت ذا حظوة عند الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد وتوليت عدداً من المناصب الرياضية، ويقال إنك ومجموعة من الإداريين كنتم السبب في تراجع مستوى المنتخبات وأنتم من زرع وغيركم حصد الفشل، بتطبيقكم مقولة "كل شيء تمام يا ريس"؟
هذا الطرح بعيد عن الواقع تماماً..أنا عملت في لجنة المنتخبات، وأتيت بنجاحي من نادي الشباب، ووصلت إلى مناصب في الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" لمدة 9 سنوات، واضطررت للابتعاد مؤخراً بسبب اختياري لرئاسة تحرير الوطن. وكان اختياري للفيفا مفاجئاً لي، واخترت قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي لم أدخله في حياتي ولو لمرة واحدة.. لكنني حوربت كثيراً من أشخاص لهم مصالح وأهداف خاصة تتعارض مع قناعاتي بل تصادمت معهم كثيراً لاختلاف فكرنا. لكن أستطيع أن أقول إن الأمير نواف بن فيصل كان هو الداعم الكبير لنا لقناعته بإيجابية الأفكار، ولهذا أعتز كثيراً بعملي مع الأمير نواف بن فيصل، ومع الأمير نواف بن سعد في لجنة المنتخبات حيث أسسنا قاعدة رياضية مهمة من خلال منتخبات سنية لأعمار الـ12 و13 سنة.. وألحقناهم في معسكرات لجامعات في إنجلترا، وأوروبا لكرة القدم وبرزت منهم مجموعة لاعبين مميزين حالياً هم في المنتخب الأول مثل نواف العابد، ويحيى الشهري، وعبدالله العنزي.. وغيرهم كثير. وكان هذا نتاج العمل المنظم الذي قدمناه، وإن لم يكن بالشكل الكبير الذي تمنيناه لكنه كان المتاح. أما بسؤالك أن لي حظوة عند الرئاسة العامة لرعاية الشباب فأؤكد لك أن ليس لي حظوة بل دعم وتشجيع من الأمير نواف بن فيصل. ولعلمك فقد تصادمت مع بعض الشخصيات في اتحاد كرة القدم لأنني كنت أمام إما أن أطبق قناعاتي وأفكاري التي أعتز بها، أو مسايرتهم على حساب ضميري وعملي أي إما أن أحقق مصالحهم الشخصية أو أبتعد، ففضلت الابتعاد. ومع ذلك دائماً أتمنى أن أساهم بشكل إيجابي في أي مكان اعمل به، ولا تنسى أنني رياضياً وصلت للعالمية قبل المحلية، ولا أنكر أنني بعدما وصلت للفيفا دعمت محلياً ببعض المناصب.
** مؤخراً استقال الأمير نواف بن فيصل عن رئاسة اتحاد كرة القدم، وعين أحمد عيد رئيساً مكلفاً لاتحاد انتخاباته لم تحسم بعد، فكيف ترى المشهد الرياضي حالياً؟
هناك سلبيات وأخطاء معروفة لكن هذا وضع طبيعي في المشهد الرياضي، والرياضة حالياً تقود المجتمع في حراك ديمقراطي. وانتخابات اتحاد كرة القدم السعودي دون معايير الفيفا بل أقل منها، لكن الانتخابات تعد حراكاً رياضياً جديداً وصحياً لا بد أن ندعمه ونطور من سلبياته لا أن نقف أمامه منذ البداية. دعوتي للزملاء في الوسط الرياضي هي أن نبدأ وبعدها نصحح الأخطاء حتى تتحسن الأمور تدريجياً. وأنا أرى أن هذا الحراك الحالي أكثر من رائع.. وللمعلومية فقد طالبت منذ فترة بتطبيق انتخابات اتحاد كرة القدم، وبفصل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم عن رئيس اللجنة الأولمبية العام ورئاسة رعاية الشباب، وكان هدفي من هذا الفصل إمكانية محاسبة رئيس اللجنة الاولمبية السعودية لرؤساء الاتحادات الرياضية الأخرى كباقي الدول المتقدمة رياضياً وحضارياً.
** الآن لو عرضت عليك رئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم، هل تقبل أم ترفض؟
عرضت عليّ ورفضت لانشغالي بصحيفة الوطن.
** يدور الحديث حول التأثير السلبي للبرامج الرياضية اليومية في القنوات الفضائية وتسببها بالاحتقان الرياضي بين أعضاء الشرف والرؤساء واللاعبين والجماهير، هل ترى مثل هذا التأثير؟
أولاً البرامج الرياضية تدخل كل بيت تقريباً، وبالتالي يجب على مقدميها المحافظة على الثقافة والآداب والسلوك العام.. وفي هذا المجال كنت قد قمت بدراسة صغيرة قبل فترة لمعرفة المصادر الثقافية التي يتلقاها الشباب السعودي، وتبين نتائج الدراسة أن برامج الأطفال والبرامج الرياضية في القنوات الفضائية كان لها تأثير عالي جداً على ثقافة ومستقبل الشباب. وهناك برامج رياضية تقدم النقد الهادف وتستفيد من مساحة الحرية الممنوحة لها، وقدمت نقاد بارزين وبالتالي هي مفيدة جداً للشباب، وهناك جانب سلبي برزت فيه بعض البرامج الرياضية التي يقدمها للأسف مذيعين غير سعوديين فلا ثقافة رياضية مفيدة، ولا حوارات إيجابية بل تجد الصراخ والاحتقان وخروج أسماء من خلالها تسب وتشتم من أجل نواديهم وميولهم. وعموماً أطالب البرامج الرياضية باحترام الأسر والشباب فلديها مساحة إعلامية مؤثرة.
** في مقالاتك القليلة في "الوطن" لا تنتقد أحدا بل تكتب وكأن كل شيء "تمام".. هل فعلاً أمورنا جيدة لهذه الدرجة؟
يبدو أنك لا تتابع مقالتي بشكل جيد.. لقد كتبت عن تقصير العديد من الجهات الخدمية، كما هاجمت تقصير بعض الوزراء وبشكل مباشرة كوزير العمل ووزير التجارة. وإن كنت أتفق معك في أنني مقل لكنني أنتقد بشدة وبقوة ومباشرة متى كان هناك حاجة.
** من تعتقد أنه ينافس صحيفتكم، وآمل ألا تقول لا ننافس إلا أنفسنا؟
هناك الكثير من المنافسين لنا.. لكن تبرز صحيفة الحياة كمنافس قوي لأن توجهها شبابي مثلنا ويهمها أن تحصل على الخبر الخاص، وكذلك ننافس صحيفة عكاظ وغيرها.. وترتيبنا دائماً يأتي في المراكز الأولى على مستوى المملكة بشهادة الكثير من الجهات والمواقع الرسمية.
**..وأين تضع ترتيب صحيفتكم بين الصحف السعودية؟
أتمناه دائماً الأول، وكل رئيس تحرير يتمنى ذلك، وأنا أقدم خبرتي وجهدي، وكذلك خبرة وقدرات زملائي من أجل تحقيق هذا الشيء، وتقديم المصداقية والخبر الخاص والتحقيق الخاص للقراء الأعزاء.
** كم عدد النسخ المطبوعة يومياً؟
في حدود 150 ألف نسخة يومياً.
** وكم الرجيع؟
ليس لدي رقم محدد لعدد الرجيع، لكن الصحف عموماَ تتراجع أرقامها، في مقابل تزايد التعليقات والزيارات على مواقعها الإلكترونية، وعلى روابطها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن حالياً في الترتيب الثاني على مستوى المملكة في "تويتر". وأرقامنا ثابتة، والمشاهدات مرتفعة، والتعليقات في تزايد مستمر. وكتاب الوطن يعدون من أعلى القراءات والمتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
** أقنعت الكاتب محمد السحيمي بالعودة للكتابة لكنك لم تكافئه وتنقل مقاله إلى الصفحة الأخيرة؟
محمد السحيمي يستحق أن يكون في الصفحة الأخيرة، وكان لي دور في عودته، ومكانته محفوظة، وقد نجحت في إقناعه بالعودة للكتابة في الوطن. وهو يكتب عدداً من المقالات أسبوعياً بالإضافة للنشرة النقدية. والكتاب محمد السحيمي والدكتور علي الموسى وصالح الشيحي، لا تستطيع تفضيل بعضهم على بعض لتميزهم.
** هناك من يرى أنك "طفشت" الصحفيات بعد أن كن "يلعلعن" على الصفحات أيام جمال خاشقجي؟
بالعكس عدد الصحفيات يتزايد في الصحيفة وأنا أدعمهن باستمرار، ففي المكاتب الرئيسية كالرياض يوجد حالياً أكثر من 9 صحفيات، وفي مكتب جدة أكثر من 15 صحفية، ونحن نسعد بهن ودورهن مهم.
** أما تزال "الوطن" تسمى بـ"الو.." عند البعض أم أنك استطعت تغيير القناعات؟
رسالتنا في "الوطن" أنها لكل الوطن، ولا تعنينا النظرة المغلوطة عند فئة معينة لا تقرأ الصحيفة بشكل جيد. وأدعو الجميع لقراءتها لأننا نحرص عليهم، ونحترم كل الفئات، وهذه رسالتنا.. "الوطن" كانت وما زالت لجميع الفئات ولا تحارب أحداً.
** ما سر اهتمامك بالصحفيين الشباب وإسناد المناصب المهمة لهم؟
لأن هذا وقتهم، وتأثير الصحفيين الشباب أصبح واضحاً، وهذا يخدم تناغم وتميز "الوطن".
** ما علاقتكم كصحافة ورقية بالإعلام الإلكتروني، هل هي تنافس أم تكامل؟
هي تكامل، أو تنافس ونكمل بعضنا، والإعلام الإلكتروني في رأيي هو مستقبل الإعلام بكل تأكيد. ونحترم كل من يعمل فيه، ونحترم صحيفة "سبق" وندعوها للتكامل والتعاون معنا في مجالات إعلامية لما يحقق مصالح الطرفين.
** ما طموحك الشخصي؟
طموحي لا يقف عند حد، والأحلام كبيرة، والآمال عريضة للإعلام السعودي، وأما الوسط الصحفي السعودي فأتمنى له مرجعية واحدة أمام المجتمع وفي كل مكان.
** هل هناك قرار ندمت عليه؟
لا.. لا يوجد قرار صعب ندمت عليه، لأنني لا أستعجل في اتخاذ قرار لكن عندما أتخذه لا أندم عليه.