ما زالت الكثير من احتفالاتنا الرسمية تتسم بالمبالغات غير المفهومة..
كراسي وثيرة وفخمة.. طاولات تسد الممرات تنوء بحمل أطنان العصيرات والحلويات والورود.. سجاد أحمر.. مباخر تدور على مدار اللحظة.. تتحول الحفلة من تدشين مشروعات إلى جلسة تشبه جلسات شعوذة وتحضير أرواح!
تتحول من حفل رسمي يفترض أن يتسم بالبساطة إلى حفل باذخ يعكس شكلا من أشكال التبذير غير المقبول!
هنا وبرغم أنني أتحفظ على الدور التوعوي الذي تمارسه هيئة مكافحة الفساد - على اعتبار أن هذا ليس من أهداف إنشائها - إلا أنني أحمد لها خطوة لافتة اعتبرت فيها العام الماضي، أن إلقاء القصائد أمام المسؤولين نوع من أنواع الفساد.. وأطلقت صورة لشاعر يلقي قصيدة في حفل رسمي، في إشارة واضحة منها إلى أن ذلك نوع من الفساد!
هذه خطوة جيدة.. لكن أليس من باب أولى منع هذه المظاهر؟.. حينما تحتفل الفروع بالمركز بهذا الشكل العجيب، ألا يمكن لنا أن نعده نوعا من أنواع الفساد!
هناك الكثير من الأمور في بلادي بحاجة لمبادرة يقوم بها شخص.. كتبت هنا قبل سنوات أنني سألت وزير التربية السابق الدكتور محمد الرشيد - وكان نجم المشهد حينها - عن الحفلات التي تقيمها إدارات التعليم له أثناء زياراته.. وكيف أنها تملأ الشوارع باللافتات الترحيبية، وتفرض على المعلمين دفع مبالغ معينة.. أذكر أنه قال أرفض ذلك ولو علمت أن إدارة تعليم وضعت لوحة قماشية واحدة ترحيبا بي سأعود إلى المطار فورا - أظن حينها أن الزملاء نشروها مانشيتا في الصفحة الأولى - ومنذ تلك اللحظة اختفت كل مظاهر الاحتفال والبهرجة التي كانت تقوم بها إدارات التعليم أثناء استقبال الوزير..
هل نحن بحاجة لمبادرة من مسؤول آخر لتختفي بقية المظاهر؟!