فوجئ الشاعر محمد زايد الألمعي بإهداء أحد الكتاب المشهورين السعوديين وهو يلتقيه في دبي، الطبعة الرابعة عشرة من أحد مؤلفاته. صمت الألمعي مكتفيا بالتعبير عن دهشته بصفحته في "الفيسبوك". الواقعة تحيل إلى محاولات بعض دور النشر العربية وفي مقدمتها "السعودية" التي تحمل تراخيص خارجية وتطبع في بيروت أو دبي أو القاهرة وغيرها، إخفاء ما يعده بعض المراقبين تحايلا وخداعا للمتلقي.
"الوطن" وهي تتساءل عن هذا الترويج بطبعات وهمية، قوبلت بصمت جماعي لعدة دور نشر يملكها سعوديون، أمام اتهامات بعض المتابعين للحركة الثقافية وصناعة النشر في المملكة، لهذه الدور بمحاولة "استغفال" القارئ من خلال الدفع بطبعات لكتب تنشرها بشكل متوال جدا وفي أوقات زمنية متقاربة، حتى وصلت بعض الكتب التي توصف بـ"العادية جدا" إلى أكثر من 10 طبعات في سنتين أو ثلاث. ويرى بعض المثقفين والمتابعين لهذه الظاهرة المقلقة في عالم النشر أن "العملية تسويقية وأن ما يطبع في الطبعة الواحدة قد يتراوح بين (100 ـ 200) نسخة، ولكن لكي يروج للكتاب يطبع طبعات متعددة ومتقاربة زمنيا حتى يوحي للقارئ بأنه كتاب يحظى بمبيعات عالية وبالتالي ينشط سوقه من جديد".
ولأن عددا معينا من دور النشر الشهيرة محليا وعربيا مثل "طوى" و"مدارك" و"جداول" طالتها أصابع الاتهام بشكل أكبر من غيرها، حاولت "الوطن" من خلال عدة مراسلات أخذ وجهات نظرها ولكن كان التجاهل التام من اثنتين، أما الثالثة فاشترطت شرطا غريبا في العرف الصحفي وهو أن ترسل لها المادة الصحفية كاملة قبل النشر بحيث تشمل هذه المادة آراء الدور الأخرى المنافسة لها!.
الأمر لا يقتصر على تتالي الطبعات فحسب، فدور النشر تتهم بـ"عدم إعطاء المؤلفين حقوقهم" إذ يشتكي بعض الكتاب من أن بعض دور النشر تعيد طباعة كتبهم بعد نفادها دون موافقتهم ودون أخذ رأيهم، وتدعي أن الكتاب لم يحقق مبيعات تغطي تكلفة نشره، وبالتالي ليس للمؤلف حق في أي مطالبة مالية من الدار، وذلك على الرغم من أن المؤلف قد يكون دفع للدار مبلغا كبيرا قبل الطباعة.
الكاتب علي فايع يؤكد أنه عايش تجارب مع بعض زملائه المؤلفين قائلا: "مشكلة المؤلف السعودي مع دور النشر كبيرة ، يغريه الانتشار وينسى حقوقه التي تسهم في تعلقه بمنجزه الكتابي والإبداعي .. فأين حقوق المؤلف السعودي التي تتجاهلها دور النشر؟ يتساءل فايع، ليثير أسئلة:
لماذا لا يعلم المؤلف السعودي عن عدد طبعات كتبه؟ وكم بيع منها؟ وكم ثمن البيع؟!
ولماذا يتباين الانتشار بين كاتب جاد يطبع طبعته اليتيمة في دار ما ثم لا يجد صدى مادياً ولا معنوياً، بينما يطبع آخر كتاباً عادياً في دار أخرى فينتشر وتتعدد طبعاته؟!
هل القارئ السعودي هنا ساذج إلى هذه الدرجة بأن يساهم في تسويق الرداءة وانتشارها ويقتل الجدية والعمل؟!
الإجابات هنا تحتاج إلى رؤية وأفق وصدق، إما أن دور النشر تستغل حاجة المؤلف السعودي للانتشار فتغيب عنه الربح وعدد الطبعات وتكسب هي، وإما أن دور النشر تخدع المؤلف بخلق تنافس زائف.
كل هذا ممكن ومتوقع، ولن تكون هناك طبقا لأحد الكتاب ( فضل عدم ذكر اسمه) حلول ما لم تكن هناك عقود واضحة بين المؤلف ودور النشر يحفظ بها المؤلف حقه وتملك الدار ما يجعلها قادرة على كسب الثقة.
المؤلف السعودي يشتكي كثيراً من تجاربه المريرة مع دور النشر ودور النشر السعودية تشتكي من قلة المبيعات وهنا شفافية غائبة لا حل لها إلا بتكثيف الأندية الأدبية من دورها في الطباعة للمؤلفين السعوديين دون قيود جائرة أو شروط تعجيزية.