منذ سنوات طويلة ونحن –كرجال- نلوك مفردة "حقوق المرأة" ونوظفها بحسب تطلعاتنا نحن، لا تطلعاتها هي، وننتقي منها ما يناسب أفكارنا، ويتسق مع تصورنا.
هناك مئات المقالات، والخطب، والمطويات، التي أسرفت في مناقشة تلك الحقوق تنظيراً، فيما يغيب تماماً أي نظام رسمي واضح يفرض تلك الحقوق، ويجعلها واقعا تعيشه المرأة.
لن أتحدث عن التحرش والابتزاز، ولن أستعرض مواجع العنف والاستغلال والظلم، فكل تلك المآسي لم تقنع الجهات الرسمية بسن القوانين التي توقفها، رغم أننا في بلد دستوره "القرآن والسنة" بكل ما حوت من إنسانية وعدل.
مجتمعنا المسلم، تجاوز بمختلف مؤسساته معايير العدل الشرعي مع المرأة، والدلائل على ذلك أكثر من أن تحصى، لأن عقله الجمعي مقتنع تماماً بعاداته وتقاليده، متوهماً أنها جزء من شريعة فسرتها رؤاه بما يتصالح مع عاداته.
حقيقة، لا أدي أي مؤسسة يمكن أن أوجه لها حديثي عن حقوق المرأة، فالمسألة هنا تتقاطع مع معظم الجهات الحكومية، بما فيها القضاء الذي تلجأ له المرأة مكرهة، حين تتجاوز معاناتها حد الصبر.
أتساءل، كيف يمكن أن تحظى المرأة بالعدل وتمام الحقوق، إذا كان من يقرر ذلك رجل؟ وأي رجل.. ذلك الذي تكونت قناعاته ورؤاه في مجتمع يظن بعض أفراده أن الأكل معها نقيصة، وذكر اسمها عار، وضربها رجولة. مع الإيمان بأن الشخصية تتكون من نظام من المبادئ النمطية. وفي المقابل، كانت المرأة تهيأ منذ صغرها لتتقبل الحياة بهذا الشكل.
ولأن الرجل ما زال يمارس دوره، فها هو يختزل حقوق المرأة في منحها منصبا قياديا، أو المطالبة بمنحها حق قيادة السيارة أو ممارسة الرياضة.. فيما معظم قضايا المرأة هي نتاج غياب النظام الذي يقرر حقوقها، ويحميها حين يعز السند، ويفيض الوجع.
ها هي المرأة في بلادي منحت "المنصب" واحتلت 20% من مقاعد مجلس الشورى، فهل ستمنح الحقوق الذي تنشدها؟