في جامعتي قضيت تفاصيل ظهر الأربعاء في الممرات والاستراحات الطلابية لمبنى (ج)، حيث بشائر المستقبل لطلاب الطب وعلومه وتخصصاته وكلياته وأقسامها المختلفة.. حيث الكيمياء وطب الأسنان وقسم علوم الأمراض والصيدلة، وحيث طلاب المختبرات الطبية. مع أبنائي هناك اختتمت يومي (المدهش) مع طلاب الفرقة الأولى في السنة الأخيرة من كلية الطب، فأين تكمن القصة؟ أنا أستاذ ذات الجامعة القادم إلى (هؤلاء المستقبل) من مبنى (أ) المقابل.
لاحظوا تراتبية الحروف وأولوياتها ما بين مجرد عمارتين عملاقتين في ذات الجامعة.. أساتذة (المتحف) الأثري وطلاب العصور الوسطى في مبنى (أ)، وأجيال المستقبل من العلوم إلى الطب في القائمة الأخيرة من الأبجدية. في مبنى (أ) نحتشد أساتذة بالمئات لتدريس أنواع (المفعول) به وبعض (مسرحيات شكسبير)، وفي مبنى (أ) يتوه ثلاثة أرباع طلاب ذات جامعتي في (المبنى النظري) وفي مقررات التربية والآداب واللغات وفي غيرها مما لا أستطيع أن أكتبه بالحرف، لأن مبنى (أ) متحف مقدس لا يجوز التكهن أو حتى مجرد الانتقاص من قدره.
من مبنى (أ)، وبالفرضية، خرج إلى هذا الوطن كل أساتذة الحوارات البيزنطية الذين أصبحوا اليوم أسماء لامعة في مشهد الاحتشاد الثقافي. ومن مبنى (أ) بالتحديد انطلقت قبل عام بالضبط أول حركة احتجاج لتمرير أجندة (الفعل الحركي) الممزق لوحدتنا الوطنية في شكل تظاهرة طلابية. في مبنى (ج)، وفي المقابل، لوحة الأستاذ الطبيب الذي أجرى لأحد أفراد عائلتي عملية جراحية تكللت بالنجاح بعد عذابنا لأربع سنوات في أربعة مستشفيات مختلفة، وفي ذات المبنى شاهدت بالصدفة أستاذ الطب الآخر الذي استشرته كزميل مساء ما قبل البارحة من أجل مشكلة صحية شخصية طارئة. من مبنى (ج) تخرج 12 شخصا من ذات (اسمي) الأعلى المعروف بعاليه ومن المبنى نفسه، وعلى مدى ثلاثين عاما بالضبط ما يزيد عن ألف طبيب وثلاثمئة استشاري في الاستثمار الأعظم والأول والأجمل في كل التاريخ التنموي لهذه المنطقة. وعلى مسؤوليتي فإن (كلية الطب) هي ذروة بناء الإنسان في هذا المكان، ومع هذا سأقول أخيرا لاحظوا ترتيب الأبجدية في الأهمية حتى بين المباني ولكل من يريد لأبنائه حظوة المستقبل:
لا ترسلوهم للمبنى (أ)، بل تأكدوا أنهم في المبنى الأخير من القائمة الأبجدية.