الكتابة حالة نزق لا تعني بالضرورة تفريغ الضغط والتخلص منه، إنها استعداد جيد للدخول في منطقة الضغط الكبرى ورفع كمية التراكمات النفسية لدى الكاتب، ليصل إلى حالتين، إما التحمل أو التبلد.

الكتابة ليست ترفا أو طريقة للحضور والاستعراض، ففي "تويتر" هناك من يكتب 140 حرفا تغني عن ثلاث مقالات تكتب على أيام.. إنها مسؤولية الوقوف في مساحات التحدي والممارسة وخلق التأثير.

وأن تكون كاتبا في صحيفة يومية يعني أنك تعيش حالات طويلة من التوتر على مدار اليوم والساعة، تفكر بالزاوية التي سيظهر فيها اسمك غدا، ومبلغ طموحك أن تتجاوز نفسك وتكون عند حسن ظن الآخرين. أن تكون كاتبا يعني أنك تعيش في حالة صراع مستمر مع اللغة، بما يضمن لك الوصول إلى عقل قارئك وعدم التعالي عليه، فإما أن تطارح اللغة الغرام وتعبر بها أو تطرحك أرضا وتتوقف بك عن المسير. أن تكون كاتبا يعني أن تظل متابعا للمستجدات والأحداث وألا تغيب عنك الشاردة والواردة حتى تستطيع أن تأتي بالجديد والمدهش وألا يخرج عليك أحد القراء ليقول لك: مقالك إنشائي وأفكارك مكررة.

أن تكون كاتبا يعني أنك تضع نفسك تحت رحمة ضمائر الغير وسياط كلامهم، دون أن يكون لك الحق بالدفاع عن نفسك، فالوقت ليس كريما لدرجة أنه يعطيك كل شيء، حتى الرد على القراء ومجادلتهم. أن تكون كاتبا يعني أن تكون مسؤولا أكثر من المسؤولين ومنصفا أكثر من القانون، وأن تكون لديك العصا السحرية التي تحول بها الحروف إلى حلول والكلمات إلى جنود تقبض على الفاسدين وتقدمهم للعدالة.. وحتى لو وصلت إلى هذه الحالة من الجبروت، ستجد من يقول لك: لماذا هؤلاء وماذا عن أولئك؟