تحذير مختلف، أطلقه مدير عام الدفاع المدني بالمملكة الفريق سعد التويجري، فلم يكن التحذير موجها للمواطنين والمقيمين من مخاطر السيول والكوارث الطبيعية، وما إلى ذلك من إجراءات وقائية، بل كان التويجري يخاطب وسائل الإعلام، بوجوب الحذر الشديد من استغلال من وصفهم بـ"الجناة" و"أرباب السوابق" للإعلام، والتمويه على جرائمهم، بالتحريض على الدفاع المدني.
واستجابة لإصرار الصحفيين على الفريق بأن يوضح تصريحه الذي أطلقه مساء أول من أمس خلال افتتاحه بالنيابة عن وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف المعرض الدولي الخامس عشر للأمن الصناعي بمركز الرياض الدولي للمعارض؛ أعطى التويجري أمثلة عدة على ذلك، ومنها قوله: "حادثة غليل" في جدة، التي تعرض فيها الدفاع المدني للظلم من الإعلام واتهامنا بالتسبب في وفاة 4 أشخاص، إلا أنه ثبت أن من تحدثوا للإعلام لا علاقة لهم بالضحايا، وجميعهم من أرباب السوابق واعترفوا بأن ما قالوه غير صحيح.
لم يخل حديث المدير العام للدفاع المدني الفريق سعد التويجري، من الإشارة إلى حادثة الحريق في البيت الأبيض، وبداخله الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، منذ سنوات، حيث تم إخلاء المبنى وأكثر من 200 شخص كانوا متواجدين بداخله.
يأتي ذلك بعد أيام من استشهاد محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور علي الغفيص بكلمة للرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما ، مستدلاً بذلك على تفوق مؤسسته على “أوباما”.
وجاء استشهاد التويجري بحادثة احتراق البيت الأبيض في إطار تبريره لنتائج دراسة خلصت إلى أن تطبيق اشتراطات السلامة لا يمنع من وقوع الحوادث إلا بنسبة 35%، وأنه مهما بلغت تلك الاشتراطات فإن هناك مجالا لوقوع الحوادث.
وصعد مدير عام المديرية العامة للدفاع المدني الفريق سعد التويجري من وتيرة التحذيرات، إلا أنها اختلفت هذه المرة حيث لم تكن موجهة للمواطنين والمقيمين لتحذيرهم من مخاطر السيول والكوارث الطبيعية، بل كانت لوسائل الإعلام، مطلقا تحذيرات مشددة من قيام من وصفهم بـ”الجناة” و”أرباب السوابق” باستغلال وسائل الإعلام في التحريض ضد الدفاع المدني، والتورية على جرائمهم.
جاء ذلك خلال تصريح للتويجري الذي افتتح مساء أول من أمس نيابة عن وزير الداخلية رئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز المعرض الدولي الخامس عشر للأمن الصناعي بمركز الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات.
أرباب السوابق
وأضاف : أرجو ألا يترك لأرباب السوابق فرصة لأن يحتلوا صفحات الجرائد وهؤلاء ينتمون إلى الوطن، لكنهم لا يمثلون المواطنين، إلا أن من كان السبب في تواجدهم على وسائل الإعلام هم الصحفيين –و لا أقول إن الصحفيين داعمون لأرباب السوابق.
واستجاب التويجري لإصرار الصحفيين المتواجدين بإعطاء مثال على تلك الحالات حيث أوضح قائلاً : حادثة “غليل” في جدة، التي سئل عنها من قبل وزير الداخلية، وتعرض فيها الدفاع المدني للظلم من وسائل الإعلام حيث تم اتهام جهازه بالتقصير، والتسبب في وفاة أربعة أشخاص، إلا أنه ثبت من واقع التحقيقات التي تولتها جهات مسؤولة غير الدفاع المدني، أن الأشخاص الأربعة الذين تحدثوا لوسائل الإعلام حول الحادثة لا يمثلون المواطنين، وجميعهم من أرباب السوايق واعترفوا أن ما قالوه ضد جهاز الدفاع المدني غير صحيح ، وأضاف”هم أعاقوا عملنا وافتروا”، مشيراً إلى أنه جرى رفع دعوى قضائية ضدهم وتمت محاكمتهم.
توثيق الحالات
واتهم التويجري بعض وسائل الإعلام بعدم نشر نتائج التحقيقات، رغم بثها من قبل الدفاع المدني، وعاود التحذير قائلاً إن بعض الجناة، وأحدهم شخص حرق أمه وأخته، اتصل بوسائل الإعلام لإبلاغهم بتأخر الدفاع المدني للتورية على جريمته، مشيراً إلى أن الجهاز قام بتوثيق عدد من الحالات التي استغل فيها الجناة وسائل الإعلام، واستشهد بالمرأة التي ادعت على الدفاع المدني بأنه تأخر، وأنه كان سبب في وفاة زوجها، ليكتشف بعد عامين من الحادث أنها هي السبب في وفاة زوجها وهي من أحرقت المنزل، فيما حملت وسائل الإعلام الدفاع المدني المسؤولية.
وقال التويجري إن عدداً من نتائج التحقيقات سيعلن قريباً، ليوجه حديثه للإعلاميين قائلاً “إذا ثبتت براءتنا من الحادث الذي يحقق فيه الآن فماذا ستقولون؟”، ورد بعد ذلك على احتجاج الإعلاميين حول عدم نشر بعض نتائج التحقيقات معللاً ذلك بأن بعض التحقيقات تحتاج إلى عامين لظهور النتائج وقال “ أنا لا أدعو هنا إلى عدم نقد الجهاز، بل استفدت كثيراً من وسائل الإعلام”، ونفى التويجري وجود استهداف الجهاز من جهات داخلية أو خارجية، قائلاً “لا أعتقد أن لدينا أعداء”.
العناصر النسائية
وبدا من حديث التويجري أن جهازه لا ينوي في الوقت الحالي تعيين عناصر نسائية، إلا أنه أكد وجود تدريبات مستمرة عبر الدوائر المغلقة، وتدريب أعداد كبيرة، وقال “ليس لدينا في الوقت الحالي توجه لتعيين عناصر نسائية، ولكن الموضوع قيد الدراسة”.
وأبدى التويجري حزماً تجاه المدارس المستأجرة التي تخالف اشتراطات السلامة، ملوحاً بصلاحيات جهازه ، حيث قال ردا على سؤال حول مدى صلاحيات الدفاع المدني في الإجبار على ترك المدارس التي تخالف أنظمة السلامة : "نملك قطع الكهرباء والإخلاء الفوري". وأشار إلى أن الدفاع المدني على اتصال وثيق مع وزارة التربية والتعليم، وهناك تعاون ومبالغ كبيرة تصرف، وقال “لا نقبل – نحن والوزارة - أن يكون هناك ما يكون سببا في إزهاق أرواح بريئة أو مضايقة الطلبة والطالبات”، ولفت إلى حادثة مدرسة البراعم في جدة، والتي نشر حولها عبر “اليوتيوب” أن عدد الوفيات بلغ 42 ، إلا أن العدد الحقيقي للوفيات بلغ 3 حالات فقط، موضحاً أنه رفع لولاة الأمر، حول الشخص الذي ادعى رؤيته، لـ 42 حالة وفاة.
خطورة الأودية
وأكد التويجري على وجود آلاف الأودية، ومنها ما يشكل خطورة داخل المدن وحولها وخارجها ، لافتاً إلى أن في الرياض وحدها هناك ما يقارب 13 واديا كلها تتجه إلى مدينة الرياض، ووضعت لها حماية وعملية ربط، بحيث تستطيع غرفة العمليات في أمانة المنطقة معرفة سرعة تدفق المياه واتجاهها. ولفت إلى أن هناك محاذير دولية تمنع وجود مهابط للطائرات فوق الأبراج العالية.. تمنع الطيران فوقها، مشيراً إلى أن كافة الأبراج مزودة باشتراطات السلامة ضمن نظام عالمي. وأضاف التويجري “لا أحد يضمن عدم وقوع حوادث، والبيت الأبيض احترق وبوش فيه، وهو مبنى مشيد بأعلى اشتراطات السلامة، ويضم أحد أهم قادة العالم، وأخلي 200 شخص. الحوادث تقع ، هناك دراسة تقول إن اشتراطات السلامة يمكن أن تحد من الحوادث بنسبة 35%، ولا تمنع وقوعها”.
اعتراف أرامكو
وأشار التويجري إلى وجود تعاون كبير مع منشآت القطاع الخاص، مشيراً إلى عقد اجتماع يضم خبراء من شركة أرامكو بكامل طاقمها العلمي، وقال : “اعترفت أرامكو أن لدى الدفاع المدني من الإمكانات والقدرات ما يتمنون أن يكون في أرامكو، وأقولها أمامهم” ، وأضاف “معداتنا لا توجد في كثير من الدول، وأدلل على ذلك بحادثة تسرب الغاز في المنطقة الشرقية وتحرك الدفاع المدني بآلياتهم ومعداتهم، حيث استطاعوا تحديد الخطر، ونوع الغاز، والتعامل معه وإخلاء المنطقة بكاملها”.