من كان يُصدق أن كلّ "قبضايات" المسلسل الشهير "باب الحارة"، كانوا عبارة عن "دُمى"، يُحرك خيوطها المخرج السوري بسام المُلا، لا وجود لها على أرض الواقع السوري اليوم.
صحيح أن الفن لا بد أن يكون فيه نسبة من الكذب، ونسبة أخرى من الخيالات، ونسبة ثالثة من البُعد الأسطوري، لكن لا بد أن يكون فيه جزء من الحقيقة والواقع، ولا أقول المصداقية؛ لأن الفن الذي كلّه صدق لا يُعدّ فنا، ولكن على الأقل فيه نسبة ولو بسيطة من ذلك.
الذي جعلني أقول هذا الكلام الآن، هو أنني فوجئت، بل صُدمت، من مواقف أبطال باب الحارة "القبضايات"، من الثورة السورية المجيدة، ووقوفهم كلّهم بجانب بشار، وساحته الإجرامية اليوميّة الواسعة.
من "أبوعصام" إلى "معتز" إلى "العقيد شهاب" إلى غيرهم، من الأسماء التي ضربت في سوق المُشاهدة الرمضانيّة، أرقاما خياليّة، وحفظ الناس أدوارها ولزماتها الكلاميّة.
يقول فيصل القاسم، في إحدى حلقات برنامجه الشهير "الاتجاه المُعاكس" عن أبطال باب الحارة، أنهم هلكونا بعبارة "شِكلين ما بحكي"، وهم الآن مع بشار، يحكون أكثر من عشرين "شِكل"، فسبحان مُقلّب القلوب.
الذين يقولون هذا فن لا دخل له بالسياسة مُخطئون؛ لأن الفن هو إبداع إنساني أولا، والتزام بقضايا الإنسان ثانيا، والفنان الذي يُشاهد الموت المهيب في أوساط الشعب السوري، من الشيوخ والنساء والأطفال، تحت مجنزرات بشار وطائراته، ولايرفّ له جفن، فهو ليس بفنان، وليس إنسانا أصلا.
لم يُطالبهم أحد بالكلام، وليتهم سكتوا ولم يُصرّحوا بمواقفهم في الإعلام، لكان ذلك أحفظ لماء وجوههم، إن كان فيها ماء أصلا.
"شكلين ما بحكي"، أكذب عبارة في الأعوام الأخيرة.