اليوم دخلت هيئة الاتصالات السعودية ميدان عولمة الإنترنت من أوسع أبوابه، فبعد مرور 40 عاماً على ابتكار المهندس الأميركي "مارتين كوبر" لأول هاتف جوال في العالم، وبعد مضي 36 سنة على تطوير المهندس البريطاني "تيم بيرنرلي" لأول شبكة عنكبوتية على الإنترنت في العالم، ارتفعت وتيرة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بين شعوب القرية الكونية بشكل غير مسبوق. في العام الماضي وصل عدد مستخدمي موقع "فيسبوك" حوالي 890 مليون شخص، وارتفع عدد مستخدمي موقع "تويتر" بنسبة 40%، ليصل عددهم إلى 485 مليونا، منهم 288 مليونا مستخدم ناشط، بزيادة قدرها 62 مليون مستخدم في عام واحد فقط. وهذا أدى تباعاً لتضاعف مبيعات تطبيقات الهاتف الجوال لتصل في العام الماضي إلى 8 مليارات دولار أميركي، بزيادة قدرها 27% عما كانت عليه في عام 2011، بينما سجلت إيرادات التطبيقات المتداولة على شبكة الإنترنت 20 مليار دولار أميركي خلال نفس الفترة.

لا شك أن هيئة الاتصالات السعودية تعلم جيداً أن المملكة أصبحت اليوم في مقدمة دول المنطقة في عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حققت خلال العقد الماضي المرتبة الرابعة عالمياً في ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت من 5% إلى 46%، ليصل عددهم اليوم إلى أكثر من 13 مليون شخص. كما تصدرت السعودية المركز الأول عالمياً في انتشار موقع "تويتر" على الإنترنت بنسبة 51%، تلتها تركيا بنسبة 39% ثم دولة الإمارات في المرتبة الثالثة بنسبة 34%. وفي السعودية أيضاً وصل عدد مستخدمي موقع "فيسبوك" إلى حوالي 5 ملايين نسمة، لتحتل المرتبة 31 في عدد مستخدمي هذا الموقع على مستوى العالم. كما سجّلت السعودية أعلى نسبة بين الدول العربية من حيث استخدام الهواتف الذكية بحدود 63%، تلتها دولة الإمارات بنسبة 61%، بينما سجّلت لبنان أعلى نسبة في تنزيل تطبيقات الهواتف الذكية بحوالي 70%، وجاءت مصر والأردن في المرتبة الأخيرة في استخدام تطبيقات الهواتف الذكية بنسبة 49%.

الإحصاءات الرسمية العالمية كشفت مطلع العام الجاري عن نتائج استخدام الإنترنت في العالم العربي. في الشهر الواحد تصدرت السعودية قائمة عدد المتصلين بشبكة الإنترنت بأكثر من 8 ملايين شخص، وجاءت المغرب في المرتبة الثانية بنحو 7 ملايين نسمة، تلتها مصر بنحو 5 ملايين، ودولة الإمارات بعدد 4,6 ملايين، بينما تراجعت العراق إلى المرتبة الخامسة بعدد 3,8 ملايين، وسورية بعدد2,7 مليون، ثم الأردن بعدد 1,9 مليون، والكويت في المرتبة الثامنة بعدد 1,6 مليون شخص.

وأكدت الدراسة أن نسبة انتشار الإنترنت في العالم العربي ارتفعت إلى 39% من عدد السكان، حيث جاءت دولة الإمارات في المرتبة الأولى بنسبة 75%، ثم الكويت بنسبة 64% وقطر 61%، ثم السعودية بنسبة 60% ولبنان 52% والأردن 48%. واحتل المغرب المرتبة السابعة بنسبة 35%، ثم سورية 30% وسلطنة عمان 28% ومصر 25%، وأخيراً العراق بنسبة 23%. كما حققت الأردن المركز الأول في أعلى نسبة اطلاع على الصحف بين مستخدمي الإنترنت بحوالي 37%، بينما تصدرت السعودية المرتبة الأولى في أعلى نسبة مشاهدة التلفزيون على الإنترنت بحدود 25%.

وفي استخدام برامج التواصل الاجتماعي عن طريق الإنترنت، أوضحت الدراسة أن الأردن حقق المرتبة الأولى بين الدول العربية بنسبة 88%، بينما حقق لبنان المرتبة الأخيرة بنسبة 47%. وفي مواقع التجارة الإلكترونية، سجلت الكويت المرتبة الأولى بنسبة تعاملات فاقت 53%، كما تم 49% من التحويلات المصرفية في لبنان، بينما تم شراء 54% من بطاقات السفر في دولة الإمارات، وسجلت مصر نسبة 35% من العمليات الشرائية في مواقع المزادات العلنية.

في هذا الخضم المتنامي لعولمة الإنترنت لجأت الدول إلى الاتفاقات الدولية، التي اعتبرت الرقابة على الإنترنت أمراً ضرورياً ومباحاً، فبدأت الدول الديموقراطية بحظر كافة المواقع التي تتنافى مع القوانين العامة في الدولة، كالتي تحض على الكراهية والإرهاب، والتي تتاجر بالبشر. وفي الدول الخليجية، بادرت دولة الإمارات بحظر كافة المواقع التي لا تتوافق مع أنظمة الدولة وتتعارض مع القيم والأخلاق وكراهية الأديان، كما تحظر جميع مواقع التصيد وأدوات القرصنة وبرامج التجسس، إضافة للمواقع التي تحتوي على برامج الميسر، وتداول أو ترويج الأدوية غير المشروعة. في شهر يناير من العام الجاري حجبت هيئة الاتصالات الإماراتية 79% من المواقع التي تُصَنَّف ضمن المحتوى الذي يتعارض مع القيم والأخلاق في دولة الإمارات.

هيئة الاتصالات السعودية تعلم أيضاً أن مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي في ميدان عولمة الإنترنت، أصبحت الرقابة على هذه المواقع أكثر صعوبة من ذي قبل لعدم إمكانية حظر حساب المستخدم الذي يضع ما يشاء من مواد أو صور، أو يُرَوِّج لأفكار تخالف القوانين والأعراف والقيم، أو يستخدم هذه المواقع لابتزاز الآخرين والاحتيال والتغرير بالقُصَّر، أو التعرض للأشخاص بالسب والتشهير وتكدير الأمن الوطني، أضف إلى ذلك تزايد نسبة أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في العالم بنسب غير مسبوقة، وصلت مؤخراً إلى 250% سنوياً، لذا من الضروري أن تواكب هيئة الاتصالات السعودية ظاهرة هذا الانتشار المتسارع للمواقع بتحديث أنظمتها وإحكام قبضتها على عولمة شبكاتها لتحييد عشوائيتها وتجريم المتحايلين عليها، خاصة أن نصف سكان المملكة و70% من شبابها سوف يغرّدون من خلالها بحلول عام 2015.