حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة تأخرت كثيرا من الجهات المعنية، ولكن الأمر الملكي القاضي بإعطاء العمالة الوافدة المخالفة للأنظمة مهلة ثلاثة أشهر لتصحيح أوضاعها قد وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بحل هذه الإشكالية.

هذه الحملة تعد ضرورة ومصلحة وطنية مقدمة على جميع المصالح والاعتبارات الأخرى، بل يجب أن تكون مصحوبة بحملات من قبل وزارة العمل بالتفتيش المستمر على جميع منشآت القطاع الخاص بعد انتهاء المهلة الملكية، ومن يعارض أو ينتقد هذه الإجراءات من السعوديين فعليه إعادة النظر في موقفه الوطني والتخلي عن المصالح الشخصية والتفكير الأناني، أما غير السعوديين فنقول لهم إنه لا توجد دولة في العالم تسمح بأن تنتهك أنظمتها وتشريعاتها ويتواجد فيها الملايين بطريقة غير شرعية، وهذا أمر بديهي لا يختلف عليه اثنان، ويجب ألا يغضب أحد، والمطلوب منكم هو تصحيح أوضاعكم فقط.

أتمنى ألا تقتصر العقوبة على الوافد، فهناك شريك استراتيجي وسبب رئيس في التستر يجب أن ينال عقوبة رادعة، ويتمثل في قلة من المواطنين الذين لا يحملون شرف هذه التسمية لأن شغلهم الوحيد هو التستر والغش والمتاجرة بالفيز وافتتاح المحلات الوهمية وتسليمها للوافدين، وهي خيانة للوطن، ومن يخون وطنه فهو لا يستحق الاحترام، هذا النوع من المواطنين يجب أن يكون حسابهم عسيرا ولن تنجح الحملة إذا لم تشمل هذا النوع من السعوديين ومعاقبتهم على عدة مستويات، تبدأ من الغرامة الباهظة وتصل إلى حد الإحالة إلى الادعاء العام تمهيدا لمحاكمتهم.

يجب أن يعاد النظر في نظام العقوبات المعمول به حاليا، فالغرامات الباهظة على المتسترين هي سبيل ناجح للردع وهي عقوبة مناسبة ومعمول بها عالميا لهذا النوع من المخالفات، وهي عقوبة مدنية يحق للدولة فرضها لحماية أنظمتها، ويمكن الاستفادة من هذه الغرامات في دعم العاملين في الحملة وضمان عدم توقفها وتوظيف المزيد من المراقبين في وزارة العمل، كما يمكن الاستفادة منها في تحمل نفقات تسفير بعض الوافدين. واللجوء إلى الغرامات الرادعة وضمان تطبيقها دون استثناءات أو محسوبيات كفيل بردع بعض المواطنين الذين باعوا وطنهم بثمن بخس.

الجميع يعرف أنه يوجد ملايين من الوافدين غير النظاميين والمتخلفين من الحج والعمرة، ومعظمهم مختفون في منازلهم بانتظار انتهاء هذه الحملة، فضلا عن الطاقة الاستيعابية لمنافذ الترحيل وخطوط النقل الجوي، وهذا يعني أن الحملة يجب أن تستغرق وقتا طويلا بعد مهلة الثلاثة أشهر، ولذلك فإن النجاح في هذه الحملة مرهون بالاستمرارية وعدم التوقف وتحولها إلى عمل دائم وإظهار الجدية وإغلاق جميع القنوات التي تجلب المزيد من الوافدين، وتنظيم الحج والعمرة والنقل بين المدن، وتجريم تهريب المتسللين واعتباره بدرجة قضايا الإرهاب أو من الإفساد في الأرض.

ألف تحية للقائمين على الحملة من وزارة الداخلية ووزارة العمل وإمارات المناطق ونبشرهم بأن الكثير من أبناء الوطن يؤيدونهم وتغمرهم السعادة، ونذكرهم بأن العمل يحتاج إلى وقت طويل وإصرار على النجاح الذي بدأنا نشعر بتحققه، ولا يغرنكم المثبطون والمرجفون الذين لا هم لهم إلا اختلاق مبررات لاستمرار الخطأ والتهويل بارتفاع الأسعار وندرة وجود اليد العاملة، ونقول لهؤلاء إننا على استعداد لتحمل الصعوبات والتضحيات وبإمكانكم تصحيح أوضاع عمالتكم والاستمرار في أعمالكم خلال المهلة المحددة. فلماذا الغضب، ونحن على يقين أن إيجابيات هذه الحملة تفوق سلبياتها بكثير، ولسنا في حاجة إلى وجود مليون بقالة مثلاً في مدينة الرياض، ويغني عن ذلك محلات التموين الرئيسية.