هل تعرف شخصا مغرما بمعرفة تاريخ الصلاحية على علبة العصير بعد أن يشرب ثلاثة أرباع العلبة؟! مثل هذا يشعرك بأنه يخاف على سلة المهملات من التسمم! أنا أعرف الكثيرين، ولكن في أمور أخطر من العصير. وأقصد بذلك من يجلس مع أطفاله - أولادا وبنات - ويتابع التلفزيون دون أن يعرف مدى صلاحية البرنامج الذي يتابعه، ومناسبته لسن أطفاله، ليكتشف في منتصف الفيلم أو قرب نهايته أنهم سمعوا ما لا يجب أن يسمعوه، ورأوا ما لا يجوز أن يروه، ويصبح كما يقولون بالعامية "في حيص بيص"، ثم "يحتاس" بالبحث عن الريموت، وحين يجده يكون المشهد قد لبس كامل ثيابه بعد أن أصبح جزءا من مخيلة الطفل ومن بواعث سلوكه في المستقبل.
ولذلك تضع القنوات الأجنبية تقييما لكل برنامج، كما تضع تاريخ صلاحية لكل سلعة.. لكننا للأسف لا نهتم بهذا ولا بذاك! فنتسمم جسديا وعقليا. أعلم أنه ليس بالإمكان السيطرة على وسائل الإعلام اليوم، وأن الفضاء يعج بما يليق وما لا يليق، ولكن هذا الأمر، وإن كان جديدا علينا، فهو موجود في الغرب منذ سنوات طويلة، لذلك لا أجد بأسا من الاستفادة من خبرات "الفرنجة" في تقليل مخاطر هذا المجال، هناك تضع القنوات المعتبرة أوقاتا متأخرة لعرض نوعيات معينة من البرامج والأفلام، والمواد الترفيهية، والبرامج الحوارية، والأعمال العنيفة، ويحذرون الأسرة قبل عرضها بقولهم "إن هذا البرنامج غير صالح للأطفال دون الثامنة عشرة"!
نتمنى من قنواتنا العربية المعروفة أن تعي واجبها الأخلاقي أمام مشاهديها. وتحرص على هذا الجانب. وأن تستحدث كل مجموعة إعلامية إدارة يقوم عملها على متابعة تطبيق معايير (الأخلاق المهنية)، إبراء للذمة.