كلما حاولت أن أشرح لرفيقاتي أن الفرق بين عزوفي عن الزواج وعزفي على وتر الزواج هو أنني تنازلت طوعا عن الأول وعضضتُ بنواجذي على الثاني، رمقنني بنظرات بلهاء وكأنني آتية من كوكب آخر.

لا أعلم إن كانت المرأة مجبولة على مقايضة خياراتها الكثيرة بالفرص القليلة المتاحة؟ أم أن غيرة الأنثى من بنات جنسها تدفعها لتأليب الذكور ضدها؟

حين كانت جدتي رقية – رحمها الله - تدعو لي بالزوج الصالح كنت أقول: "آمين إن شاء الله يكون الصالح للصالحة مثلك"، فتستشيط غضبا وتصرخ في وجهي قائلة: إذا لم تتداركي نفسك فستصبحين "عانسا"، وقبل أن تستفيقي من الصدمة ستكتشفين أنك أصبحت من القواعد من النساء بين عشية وضحاها.

لقد منعني الحياء أن أسأل جدتي – رحمها الله - كيف افترضت أن سن اليأس أقصر من ليالي الصيف، خاصة وأن جدي – رحمه الله - سبقها إلى ربه قبل أكثر من ربع قرن.

لكن ما أنا على يقين منه أنني فشلت في إقناع جدتي بأن التفاؤل درع قوية لا يستطيع الإحباط اختراقها، وأن جذوة الأمل كانت وما تزال صامدة في وجه النعوت والأوصاف الجائرة.

الزبدة أن عقلية جدتي تنتمي إلى ثقافة لا ترى أتعس من العانس إلا المطلقة، أما الرجل الذي يطلّق النساء كثيرا فيسمى "المزواج"، وإن أحجم عن الزواج فهو حصور وإن كان عنّينا، وفق المثل القائل: "الرجل لا يعيبه إلا جيبه".