م. سعد المبطي

رئيس لجنة المقاولين

بالغرفة التجارية بأبها


صدر قبل أيام قرار وزارة العمل برفع رسوم تكلفة العامل الوافد إلى 2400 ريال سنوياً، والهدف الظاهر منه هو رفع السعودة في القطاع الخاص، واشترط القرار أن أي شركة أو مؤسسة لا يكون 50% من عمالتها سعوديين يطبق عليها القرار، وتجاهل القرار حقيقة واقعية لا تحتاج لدليل أو إثبات وهي عدم استطاعة العاملين في مجالات المقاولات والتشغيل والصيانة والنظافة التوطين بهذه النسبة، 50% ، أصلاً، نظراً لعزوف الشباب السعودي عن العمل في هذه المجالات الصعبة والمناطق الوعرة والمهن غير المرغوبة منهم، وتحميل شركات المقاولات هذا الرسم المضاعف وتجاهل عدم قدرتهم أو استطاعتهم التوطين من الناحية الواقعية والعملية، فيمثل القرار بذلك عقابا بغير ذنب وغرامة دون مخالفة. وهذا المسعى يخالف كافة أحكام الشرع الحنيف القاضية بأنه لا جزاء إلا بذنب ولا عقوبة إلا بنص، والدليل لديهم واضح أن جميع الشركات والمؤسسات تكافح للوصول إلى مستوى نطاقات الذي أصدرته الوزارة قبل مدة قريبة والذي يتطلب لشركات المقاولات تحقيق 7% من السعودة للوصول إلى النطاق الأخضر وإلا فسوف تغلق جميع الخدمات على هذه الشركات، وما زالت أعداد هائلة من الشركات لم تستطع الوصول إلى هذه النسبة، وبعض الشركات التي وصلت بالكاد لهذه النسبة عن طريق توظيف مهن غير منتجة وغير مطلوبة مثل الحراس والفراشين والطلاب وبعضهم يحصل على راتب لمجرد تسجيل اسمه، وبالتالي زادت البطالة المقنعة وقل الإنتاج، ورجال الأعمال والشركات والمؤسسات عندما يتقدمون بطلب تأشيرات إلى وزارة العمل يطلبون تحويل جميع السعوديين من مكاتب العمل لتغطية طلبهم والباقي يعطون تأشيرات، حتى لو كان جميع عدد التأشيرات المطلوبة متوفرا من السعوديين لدى مكاتب العمل يتحول لهم ويلغى طلب التأشيرة إلا أن مكاتب العمل تعتذر لعدم وجود سعوديين لديها على هذه المهن، فكيف يستطيع المقاول أن ينفذ مشاريع ملتزما بها بعقود سواء مع القطاع الخاص أو القطاع العام.. مما زاد في تعثر المشاريع عندما يتأخر إصدار التأشيرات أكثر من 6 أشهر وقد يصل أكثر من ذلك ثم يقتطع منها أكثر من النصف ولم يعوض ذلك بسعوديين وارتفعت أسعار العمالة السائبة مما شجع هروب العمالة من كفلائهم وزيادة أعداد المتخلفين والمتسللين.

منطق غريب.. وعدم اكتراث.. وضرر بالغ على الوطن والمواطن وخاصة صغار رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشركات الصغيرة ليغلقوا أنشطتهم التي اجتهدوا في إنشائها لتكون مصدر رزق لهم ولأولادهم، وحتى لا يكونوا مع قوافل العاطلين عن العمل.

وكذلك لهذا القرار أضرار كبيرة على جميع أنشطة القطاع الخاص وسوف تنتقل هذه الأعباء في النهاية إلى جيب المواطن شئنا أم أبينا، وكما سمعنا من وزير العمل أن هذه الرسوم لن تدخل لوزارة المالية وإنما سوف تعتبر إيرادا للوزارة ويصرف منها على أنشطتها وأي أنظمة جديدة تصدرها الوزارة.

كما أن خزينة الدولة سوف تدفع مبلغا لا يقل عن 17 مليار ريال جراء هذا القرار، حيث إن نظام المشتريات الحكومية نص في مادته رقم 43 ما نصه (عند تعديل التعرفة الجمركية أو الرسوم أو الضرائب أو المواد أو الخدمات المسعرة رسمياً بالزيادة أو النقص تزداد قيمة العقد وتنقص بمقدار الفرق الناتج عن الزيادة). وبالتالي فمن حق جميع المقاولين والموردين والمتعهدين... إلخ مطالبة وزارة المالية على جميع عقودهم السابقة لهذا القرار بدفع هذه الرسوم. ولو فرضنا أن العمالة الوافدة في حدود 7 ملايين كما تحددها الإحصائية بحسبة بسيطة من 2400 ريال للعامل فسوف تكون النتيجة حوالي 17 مليار ريال سنوياً، أما العقود الجديدة سواء كانت للدولة أو المواطنين فسوف يضيفها في تسعير عقوده على قيمة العقد.

كان أولى بوزارة العمل أن تضع بمساعدة أهل العلم والاختصاص مشروعاً قومياً للتدريب والتأهيل وإيجاد الكوادر في المهن التي يعاني سوق العمل من نقص أو انعدام للكوادر الوطنية فيها كحل يؤتى ثماره على مدى معقول بدلاً من اتخام المقاولين وإثقال كاهلهم والضغط عليهم لدفع مبالغ ضخمة لا تصب في مصلحة الهدف الذي من أجله فرضت هذه الضريبة، فكلما خرجوا من قرار دخلوا في قرار جديد مفاجئ مما قد يشل حركتهم تماماً ويجبرهم على تصفية أعمالهم وتسريح عمالهم سعوديين ووافدين.