يرى كثير من المراقبين أن انتقال قيادة تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية من السعودية إلى اليمن أعاد الكثير من الحيوية لهذا التنظيم الذي يحتضر من شدة الحصار الأمني المضروب عليه، إلا أن انتقاله إلى اليمن واستغلاله لحالات الانفصال والفوضى الأمنية التي يعيشها اليمن وقدرته على التحرك أعاد له الكثير من الحيوية والانتشار كما استطاع استقطاب كوادر جديدة في اليمن والاتصال مع عناصر هامة، ولعل إصدار مجلة باللغة الإنجليزية يعد أحد الأنشطة الأقوى خلال الفترة الماضية لاسيما وأن الخطاب موجه إلى المسلمين القاطنين في الغرب والذين قد تخدعهم اللغة الشرعية القوية المستخدمة والشبه المثارة التي تدعو إلى القتل والتفجير باسم الجهاد والمجلة خطيرة جدا بمحتواها برغم التشويش الذي أعاق تنزيلها بشكل كبير عبر الإنترنت لأنها تناولت قضايا خطيرة بشكل مبسط من خلال مواد متنوعة.

المجلة التي صدرت على الإنترنت تحت عنوان (انسباير) في 67 صفحة تحتوي على عناوين قوية مثل (كيف تصنع قنبلة في مطبخ والدتك؟) وماذا ينتظرك خلال الجهاد! وهي مضامين قوية يمكن أن تحدث فارقا كبيرا في الحياة الغربية لدى المتطرفين ممن لديهم قابلية للانخراط في أفكار القاعدة، وهي تذكرنا بجامعة القاعدة لتعليم فنون الجهاد التي نشطت في السعودية تحديدا قبيل شرارة العنف الكبيرة في 2003م وهذا يعني أن مجلة من هذا النمط وبرغم الإخراج البسيط لها إلا أنها قد تحدث فرقا كبيرا إذا ما تم الانتباه لتأثيرها لاسيما إذا عرفنا أنها (المجلة) تضمنت مقالا للأمريكي الجنسية أنور العولقي الذي تضمن دعوة إلى قتل كل من يسيء للنبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستطرد أنه لا يقصد أولئك الذين رسموا فقط بل الأنظمة التي تحميهم والمؤسسات التي ينتمون إليها وبحسب المقالة فإن استهداف الغرب هو أحد سبل النصرة للنبي!!

المجلة في اعتقادي نقلة نوعية للتنظيم من حيث الخطاب الإعلامي كونها اشتملت على عدة أمور لم تكن معتادة لدى التنظيم وهي بمثابة استراتيجية جديدة تعتمد على التجنيد بالإيحاء. وذلك من خلال إصدار تعليمات بقالب فتاوى تبيح للشخص المندفع عملية القتل وتعده بالجنة بل وتزيد على ذلك مساعدته في صنع وتجهيز نفسه بالقنابل والأسلحة من خلال أدوات منزلية بسيطة، وهذا بدا واضحا من خلال خطابات قيادات التنظيم بمن فيهم أيمن الظواهري الذي بدأ يستخدم لغة مشابهة تدعو إلى تولي زمام المبادرة الذاتية في العمليات وليس من خلال أوامر صادرة من قبل القيادة كما جاء في تسجيله حول منع النقاب في فرنسا.

انضمام أنور العولقي بشكل مباشر في المجلة يبين سهولة الاتصال لدى أتباع التنظيم في اليمن وأن الواقع الأمني غير محكم، وهو أمر يدعو إلى مزيد من الحذر لأن مفاجآت تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية باتت تفوق التوقعات!

الخطاب الشرعي الذي تستخدمه القاعدة باللغة الإنجليزية هو السلاح الأخطر الذي يمكن أن يزيد من أتباع التنظيم في الغرب لاسيما إذا عرفنا أن العالم الإسلامي عجز عن مجاراة التنظيم فكريا ومنعه من الاستقطابات باستثناء بعض المحاولات الناجحة في السعودية، لأنه من المستحيل أن تحاكم من لم يتورط في أي عملية أمنية لكنه يحمل في داخله تطرفا مخيفا لا يعلمه إلا من يجيدون قراءة أفكار المتطرفين الذين يستخدمون عبارات شرعية ومصطلحات إسلامية صحيحة في الوصول إلى أهدافهم.

لذا على المؤسسات الإسلامية الشروع في حملات تحصين تستهدف الشباب المسلم في الغرب من شبهات القاعدة.