قبل سنة، وإن لم أكن واهما قبل سنتين؛ صرح الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار أن هناك قرارا سيصدر بخصوص تطوير محطات الوقود على الطرق في المملكة، وانتظرنا طوال هذه المدة ليصدر القرار يوم الاثنين الماضي، وقد منح القرار أصحاب محطات الوقود سنتين لتعديل أوضاعهم، بمعنى أننا سنمضي ثلاث سنوات أو أكثر لتحقيق مطلب هام وضروري ومعلوم لدى الجميع بينما كان بالإمكان اختصار هذه المدة كثيرا.
قريبة لي حكت لنا أول من أمس بعد وصولها مباشرة من إحدى الدول برا؛ كيف كان وضع محطات الوقود طوال مسيرة الطريق داخل تلك البلد، ووصفت دورات المياه في تلك المحطات بأنها مماثلة لما اتسمت به دورات المياه في المجمعات التجارية داخل مدينة دبي حيث الكثرة والسعة والنظافة على مدار الساعة، ثم قالت وهي تتأسى على وضعنا أنهم حينما دخلوا الحدود السعودية وتوقفوا عند إحدى محطات الوقود بهدف أداء صلاة المغرب والعشاء لم تتمكن من دخول دروات المياه بسبب مشاهد لا يمكن ذكرها وروائح لا يمكن تحملها، وتقول: وأنا أطل على دروات المياه تلك قلت بعفوية "وش هذا"؟ فردت علي مباشرة امرأة عمانية قائلة بالحرف الواحد: "كيف تسألين"!
تقول قريبتي لقد سددت لي هذه المرأة العمانية صفعة شديدة بما قالت ولم أتمكن من الرد عليها كوني أعلم أنها تقصد أن هذا هو مستوى مثل هذه المحطات والاستراحات في السعودية، فهكذا باتت سمعتها عندنا وعند غيرنا.
أروي لكم ما روته لي قريبتي وأنا أعلم أن قضية ما تسمى تجاوزا في "الاستراحات" على الطرق في المملكة قد كتب عنها الكثير، وما أظن أننا كنا نحتاج لعشرات السنين نعاني ونشكو لتقول عنا ما قالته المرأة العمانية وغيرها إلى أن يصدر قرار تنظيمي يخشى من تعثره مالم تسن له آليات رقابية شديدة تضمن تنفيذه وفق المبتغى.
في حياتي الصحفية كان أكثر سؤال أطرحه على من أستضيفهم من مسؤولي الدولة: لماذا مشاريعنا الكبيرة تتآكل بسرعة وتتشوه وتفقد ملامحها في وقت قياسي مقارنة بمشاريع القطاع الخاص عندنا، أو ما نراه في الدول الأخرى؟ وكانت دائما الإجابة تأتيني بصيغة الاعتراف مصحوبة بعبارة "وش نسوي"؟
تذكرت "وش نسوي" وأنا أتصور محطات الوقود بما فيها من مرفقات، وخاصة دورات المياه، وكيف سيكون حالها إذا تم تطبيق النظام الجديد عليها.. فلدي يقين أنها أولا لن تكون وفق المتوقع مقارنة بما نشاهده في بعض الدول، حيث آلية الرقابة والمحاسبة شبه مفقودة عندنا في كل شيء خاصة في وزارة الشؤون البلدية والقروية التي تتبعها محطات واستراحات الطرق، وثانيا لأننا اعتدنا على عدم المشاركة بتغيير الواقع بأنفسنا عبر رفض أوجه التقصير والمبادرة في إيصال صوتنا لصاحب القرار تجاه مثل هذا القصور المتمثل في عدم الالتزام بالقرارات أو عدم فاعلية الهيئات الرقابية.