في المباراة النهائية لكأس العالم 2010 كرَّر أحد "المُزَعِّقين" العرب عبارة: "ويأبى ابن الخضراء/ "سامي خضيرة" إلا أن يرفع راية العرب عاليةً! حيث سجل هدفاً من أهداف "ألمانيا" الثلاثة في "الأورجواي"!! وتناسى "المزعِّقون" افتخارهم بتسجيل منتخب "الجزائر" "صفراًً" في مرمى "الإنجليز" ـ والصفر اختراعٌ حسابي عربي ـ لتنتهي المباراة بصفرٍ عربي مقابل "Nil" إنجليزياً! ولم يخدش افتخار العرب بـ"سامي خضيرة" تصريحه بأنه مدين بكل شئ لوطنه "ألمانيا"، وأنه لو عاش في "تونس" ماكان ليكون! وكيف يخدشه والجماهير لا تفهم "الألمانية"؟ إنه موقف "رياضي" يكشف مدى إفلاسنا "جماهيرياً" في فهم "الهوية/ الوطنية"! وقد سبقه الافتخار بصلعة الزميل/ "زين الدين النطاح"، الذي هو الآخر لايتحدث العربية ولايفخر بها؛ رغم اعتزازه بدينه الإسلامي، فهو "أمازيقي" من قوم "الزناتي خليفة"، وليس من عرب "ذياب بن غانم"! ويبلغ الإفلاس "الجماهيري" مداه عنصريةً بغيضة في داخل البلد الواحد: فقبل عامين عوقب نادٍ سعودي كبير؛ لأن "جماهيره" استقبلت شقيقاً له، بالهتاف لدولة "أفريقية" ينحدر منها أجداد أجداد بعض اللاعبين الوطنيين السعوديين! وإذا انتقلنا إلى الساحة الشعرية الشعبية، وجدت الإفلاس "مهايطاتٍ" مضحكةً حدَّ البكاء والعويل و"اللطم"، ممن نسميهم: "شعب الله المحتار"، وهم المنحدرون من أجدادٍ كانوا فرساناً حقيقيين، لهم هوية ناصعة، وأمجادٌ فعلية، شوهها أحفادهم بعد أن فقدوها... إلا قليلاً! ولكن: هل تصنع "الجماهير" هويةً؟ أم إن الهوية هي التي تصنع الجماهير، بعد أن تكتشفها وتجلوها: "النخبة" المثقفة؟! وهذا مافهمه مبكراً القائد "الألباني"/ "محمد علي باشا (1769ـ 1849)"؛ حين أراد الاستقلال بمصر عن الخلافة العثمانية، التي دمغتها بالهوية "التركية" تماماً، فكان لابد أن يضربها بإبراز الهوية المصرية العربية، وإلا فلن تجديه قوةٌ عسكرية مهما بلغت، وله في الحملة "الفرنسية النابليونية" موعظة حسنة! ويتجلى بعد نظره في التخطيط الاستراتيجي "البراغماتي"، في تسييره البعثات "المصرية" العلمية الصرفة، في الطب، والعلوم، والصناعات الحربية، إلى "باريس"، وليس إلى "استانبول"! ولكن الذي قاد معركة الحداثة والتنوير بصناعة "الهوية/ الوطنية" هو: السيد/ "رفاعة رافع الطهطاوي"، الذي لم يكن غير "جمس بوند"، يراقب المبتعثين، ويحرسهم من "الانحراف الفكري والسلوكي"؛ لكنه تعلم الترجمة ليقلب المعادلة: فيبتعث "العلم" إلى مصر، وليس العكس! وفور عودته قرر تعريب التعليم "النخبوي" المعتمد للغة التركية! وطباعة صحيفة "الوقائع المصرية" بالعربية بدلاً من التركية؛ بغية إعداد نخبة تؤسس التنوير على "هوية عربية مصرية"! ورغم تعرضه للنفي والفصل من عمله كثيراً، إلا أنه واصل المعركة حتى النهاية، ولو "شخصن" رسالته لاستفاد من النظام الإقطاعي، وأصبح "قارون" زمانه مردِّداً: "ياسلام حضرتك، أنا لما كنت، حضرتك، في "باريز"، حضرتك..."