ما ليس لك هو لغيرك بالتأكيد، لأنه ليس لك، إلا في مجتمعنا هذا، فما ليس لك فيه، هو لك ولأبيك ولجدّك أيضاً.

أحدثكم اليوم، عن واحدة، هي من أهم معوّقات التنمية الإدارية والحضاريّة لأي بلد في الدنيا، وأيضاً في بلدنا، ألا وهي الواسطة.

نحن بالتأكيد، مع تعاليم ديننا السماوي الحنيف، الذي يدعو إلى التعاضد والتكاتف، ومساندة الإنسان المسلم لأخيه المسلم، وهذه هي حجة أرباب الواسطات وصداقات أهل النفوذ والجاه والمال، لكنها حجة في غير محلها، فالتعاضد والتكاتف والمساندة، لا تعني أبداً أن تختطف حق غيرك خطفاً، بحجة التعاضد، ولا تعني أبداً أن تسلب من هو أكفأ منك فرصته الوظيفية لتعطيها لقريبك، بحجة المساندة، وتكاتف المسلم مع أخيه المسلم، لأن هذا غير مفهوم التكاتف الذي أراده ويريده الإسلام، بل هذا غش، وظلم، وإضرار بالآخرين، وسلب حقوق.

انظروا إلى آلاف المناصب التي يشغلها أناس غير مؤهلين، لا علمياً ولا فكرياً ولا أخلاقياً حتى، لم يجلبهم إليها، ويجلبها إليهم، غير الواسطة.

انظروا إلى آلاف الحقوق، في المسكن وفي فرص التعليم الجامعي، وفي قروض التنمية، وفي منح الأراضي، وفي الوظائف، وفي استحقاقات الضمان الاجتماعي، وغيرها الكثير من الحقوق الضائعة، التي ذهبت إلى غير من يستحقونها، وضاعت على من يستحقونها، بسبب الواسطة.

كم من شخص مؤهل علمياً، لم يجد له مكاناً وظيفياً، وإن وجده، فسيكون أقل من مؤهله وإمكاناته، وكم من شخص لا مؤهل ولا إمكانات، يشغل وظيفة مرموقة، جاءت بها إليه واسطة، هنا أو هناك.

كل هذه الأمور، مرّت في البال، وأنا أفكر في مفهومنا المقلوب للواسطة، وأن يكون ما ليس لك ليس لك، لا أن نتفاجأ كل يوم، وفي كل مرفق حكومي أو خاص، بأن ما ليس لك في بلدنا هو لك، بفعل هذا الداء، الذي اسمه الواسطة.

للأسف: ما ليس لك.. هو لك.